قال اللَّه تعالى:{وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا}: {وَلَوْ دُخِلَتْ}: (لو) هذه شَرْطية، وفِعْل الشَّرْط فيها {دُخِلَتْ}، وجوابُ الشَّرْط:{لَآتَوْهَا}، {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا} نائِب الفاعِل فسَّره المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ [بالمَدينة]، يَعنِي: لو دُخِلَتِ المدينة عليهم من أَقْطارها، وتَفسيره إيَّاها بالمدينة يُؤيِّده قوله تعالى في أول الآية:{يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ}.
وفسَّره بعضُهُم بالبُيوت أي:{وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ} البُيوت {مِنْ أَقْطَارِهَا}، ويُؤَيِّد هذا التَّفسيرَ قوله تعالى:{إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ}، لكن يُرجّح الأوَّل أنها المدينة قوله تعالى:{مِنْ أَقْطَارِهَا}؛ لأن الغالِب أن كلِمة {مِنْ أَقْطَارِهَا} لا تَأتِي للبُيوت؛ لأن البُيوت صَغيرة، فجِهاتُها لا يُطْلَق عليها قُطْر، وإنما الأقطار تَكون في الشيء الكبير؛ ولهذا قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [{مِنْ أَقْطَارِهَا} أي: نَواحيها]، يَعنِي: لو دخَل العَدوُّ المدينةَ من نواحيها كلِّها، أو مِن أيِّ ناحيةٍ منها [{ثُمَّ سُئِلُوا} أي: سأَلهم الداخِلون الفِتْنة، {لَآتَوْهَا} بالمَدِّ والقَصْر أي: أَعطوها].