ثُمَّ قال تعالى:{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ}: {لَئِنْ} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [لام قسَمٍ] يَعنِي: مُوطِّئة للقَسَم، وليسَتْ هي أداةَ القسَم، والقسَم محَذوف، والتَّقدير: واللَّهِ لئِنْ لم يَنتَهِ، أو ورَبِّكَ لئِنْ لم يَنتَهِ. فهِيَ مُوطِّئة للقسَم، وإنما قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[لام قسَم]؛ لئَلَّا يَتَوهَّم واهِم أنها لامُ الابتِداء، وقوله:(إِنْ) هذه شَرْطية، وقوله تعالى:{لَمْ يَنْتَهِ} مجَزومة، والدليل حَذْف حَرْف العِلَّة الياء، والجازِم لها {لَمْ}؛ لأنها هي المُباشِرة.
قال تعالى:{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ} يَعنِي: [عن نِفاقِهم]؛ كما قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ وإنما قال:[عن نِفاقِهم]؛ لأنه هو الوَصْف الذي اشتُقَّ منه اسمُ (المُنافقون)، وإلَّا قد يَكون المَعنَى: لئِنْ لم يَنتَهِ المُنافِقون عن نِفاقهم وعن أَذِيَّتهم للمُؤمِنين وغير ذلك.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} بالزِّنا] وهذا بِناءً على أن قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} أن المُراد الأذِيَّة بالتَّعرُّض لهن بالفاحِشة، فالمَعنَى:{وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} همُ الذين يَتَعرَّضون للنساء بطلَب الفاحِشة والزِّنا.