ويُحتَمَل أن يَكون المعنى أَعمَّ ممَّا قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ؛ أي: في قُلوبهم مرَض من الشَّكِّ أو سُوء الخُلُق، وغير ذلك، وهو أعمُّ وأحسَنُ.
قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} المُؤمِنين. . .] المُؤمِنين مَفعول {وَالْمُرْجِفُونَ}؛ لأنه مَن أَرجَف يُرجِف، وهي مَأخوذة من الرَّجْفة، وهي الزَّلزلة، والمُرجِف هو الذي يَقول: قد آتاكم العَدُوُّ، وإن لكم عَدُوًّا كثيرًا، وسَراياكم قد قُتِلَت، وهُزِمت الجُنودُ، وما أَشبَهَ ذلك؛ ليُدخِل الخَوْف والرُّعبَ في قلوب الناس، وسُمِّيَ ذلك إرجافًا؛ لأنه يُزلزِل ثِقَة الإنسان بنَفْسه وبإِخْوانه؛ ولأنه يُزلزِل أَمْنه وطُمَأْنينته، قال بعضُهم: ولأنه لا ثَباتَ له؛ لأنه قول الكذِب، كل هذه المَعانِي يُحتَمَل أن يَكون الإِرْجاف مُشتَقًّا منها أو دالًّا عليها.
إِذَنْ: فالمُرجِف هو الذي يُخبِر بما يُزلزِل طُمَأْنينة المُؤمِنين من هَزيمة أو قَتْل عَدُوٍّ أو كثرة جُنود أو ما أَشبَه ذلك، ويُوجَد أُناس من هذا النَّوْعِ في المدينة إذا بعَثَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- السرايا قاموا يَبُثُّون مثل هذه الأقوالِ بأن السَّرِيَّة قد هُزِمَت، وأُسِرت، وقُتِلَت، وما أَشبَه ذلك.
فهَلِ الإِرجاف خاصٌّ بالمدينة؟
الجَوابُ: المَدينة وغيرها سواءٌ، ولكن الإِرْجاف في المَدينة بَيان للواقِع، والقَيْد إن كان لبَيان الواقِع فلا مَفهومَ له.
قال تعالى:{لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} اللَّام في قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لَنُغْرِيَنَّكَ} واقِعة في جَواب القسَم المُقدَّر.
فالجُمْلة إِذَنْ: جَواب القسَم وليست للشَّرْط؛ لأن القاعِدة أنه إذا اجتَمَع قسَم