ثم قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}: {النَّبِيُّ} مُبتدَأ، و {أَوْلَى} خبَرٌ، وهي اسمُ تَفضيل من الولاية، أَوْلى بهم.
قال: [{أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فيما دعاهم إليه ودَعَتْهم أنفسُهم إلى خِلافه] فحوَّل المَعنى، يَعنِي: أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا دعاك إلى شيء ودَعَتْك نفسُك إلى خِلاف هذا الشيءِ، فإن النبيَّ أَوْلى بك من نَفْسك، فأَطِعِ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وخالِفْ نَفْسك، وهذا لا شكَّ أنَّه داخِل في الآية، لكن الآية أعمُّ وأشمَلُ وأدَقُّ، يَعنِي: إذا كان الإنسان يَسعَى لنَفْسه بي فيه الخير، فإنَّ الرسول عَلِيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْلى به من نَفْسه، ويَشمَل عِدَّة وُجوهٍ:
أوَّلًا: أن الرسول عَلِيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بالنِّسْبة للمُؤمِنين أبلَغُ من أنفُسِهم في مُراعاة مَصالحِهم وما يَنفَعهم، وفي دَفْع الضرَر عنهم؛ ولهذا قال النبيُّ عَلِيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:"أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ ترَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ ترَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ"(١)، هذه داخِلة
(١) أخرجه البخاري: كتاب الفرائض، باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من ترك مالًا فلأهله"، رقم (٦٧٣١)، ومسلم: كتاب الفرائض، باب من ترك مالا فلورثته، رقم (١٦١٩)، من حديث أبي هريرة.