للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في جُملة: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}.

ثانيًا: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} في تَقديمه على أَنفُسِهم؛ ولهذا لا يُمكِن لا يَتِمُّ الإيمان؛ حتَّى يَكون النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أحبَّ إليك من نَفْسك، كما قال عمرُ -رضي اللَّه عنه-: واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ إنَّكَ لأَحَبُّ إليَّ مِن كلِّ شيءٍ إلَّا مِن نَفْسي. فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَمِنْ نَفْسِكَ يَا عُمَرُ"، فقال: وَمن نَفْسي. قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْآنَ يَا عُمَرُ" (١)، فيَجِب على كل مُؤمِن أن يُحِبَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أكثَرَ من مَحبَّته لنَفْسه.

ثالثًا: ما أَشار إليه المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ من أن الرسول عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْلى بك من نَفْسك فيما يَدعوك إليه، وتَدْعوك نَفْسك إليه، فإذا دَعَتْك نَفْسُك إلى شيءٍ يُخالِفُ ما دعاك إليه النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فإنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَوْلى بك من نَفْسك.

فإِذَنِ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} كلِمة عامَّة تَشمَل كلَّ ما فيه ولاية وتَولٍّ، فالرَّسول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْلَى بالمُؤمِنين من أنفسهم، أمَّا غير المُؤمِنين فإن هذا الوَصْفَ لا يَنطَبِق عليهم بالنِّسبة للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} أزواجُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُمَّهات المُؤمِنين، فانظُرْ إلى التَّعبير فهنا ما قال: النبيُّ أبٌ للمُؤمِنين وأزواجهم أُمَّهاتُهُم. بل قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، فأَبوك ليس أَوْلى بك من نَفْسك، لكن الرسول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْلى بك من نَفْسك، فهذا أعظَمُ من قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}، ومن أَجْل هذه الولايةِ كانت أزواجُه أُمَّهاتٍ لنا من قَبْلهن ومن قَبْلنا، يَعنِي: هُنَّ يَنظُرن إلينا كالنظَر إلى الأبناء، ونحن نَنظُر إليهن كنظَر الأُمَّهات.


(١) أخرجه البخاري: كتاب الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رقم (٦٦٣٢)، من حديث عبد اللَّه بن هشام -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>