أمَّا السُّنَّة الشَّرْعية فإنها تَكون بحَسَب مَصالِح العِباد وتَختَلِف باختِلاف الأُمَم كما قال تعالى:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة: ٤٨]، وإن كانت هذه الشَّرائِعُ كلُّها تَتَّفِق في أصول التَّوْحيد فيما يَتَعلَّق بآيات اللَّه تعالى وأَسْمائه وصِفاته، وكذلك في القَواعِد العامة في الشَّريعة، وقد أَشار اللَّه تعالى إليها في قوله:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[الأعراف: ٣٣] هذه الفَواحِشَ: ما ظهَرَ منها وما بطَنَ والإِثْمَ والبَغيَ بغير الحَقِّ، وأن تُشرِكوا باللَّه ما لم يُنزِّل به سُلْطانًا، وأن تَقولوا على اللَّه تعالى ما لا تَعلَمون.
وهذه الأُصولُ الخَمْسُ ذكَرَ أهلُ العِلْم رَحِمَهُم اللَّهُ أن جميع الشَّرائِع مُتَّفِقة عليها، لكن من الشَّرائِع التي تَختَلِف مَصالحِها باختِلاف الزَّمان والمَكان والأُمَم، وهذه -أي: السُّنَّة الشَّرْعية- لا بُدَّ أن تَختَلِف أَحكامها بحسَب ما تَقتَضيه حِكْمة اللَّه تعالى.