للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الإسراء: ٩٦] فما أَعظَمَ كِفايةَ اللَّه تعالى في شَهادته! وقوله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} المَعنَى: ما أَعظَمَ كِفايةَ اللَّه تعالى في وَكالته! .

وقوله: {وَكِيلًا} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [حافِظًا لكَ]، وعلى هذا ففَعيل هنا بمَعنى: فاعِل، وليسَت بمَعنى: مَفعول؛ لأن الوَكيل إذا قلت: وكَّلت هذا الوكيلَ؛ فإن (وكيلًا) بمَعنَى: مَفعول، لأنه مُوكَّل، لكن هنا بمَعنَى: فاعِل أي: أنه حافِظ فالاعتِماد من الإنسان، والحِماية والحِفْظ من اللَّه تعالى.

ويَدُلُّ لتَفسير المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣] [أي: كافِيه]، وسَوْف يَقوم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بحِفْظه وبتَحقيق ما تَوكَّل به عليه.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [وأُمَّته تَبَع له في ذلك كلِّه]، إنما قال هذا، لأن الخِطاب في الآيات مُوجَّه للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فأُمَّتُه تَبَع له، علِمنا ذلك من أحَد طريقين:

الطريق الأوَّل: أن اللَّه أمَرَنا بالتَّأسِّي به، فكلُّ أَمْر مُوجَّه للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يَدُلُّ الدليل على تَخصيصه به، فهو لنا أيضًا نحن مَأمورون باتِّباعه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: ٢١].

ثانيًا: أنه من المَعروف في الخِطاب أن الخِطاب المُوجَّه إلى المَتبوع خِطاب له ولتابِعه؛ ولهذا يَقول القائِد لضابِط الجيْش: (اذهَبْ إلى المَكان الفُلاني)، هل هو يُريد: اذهَبْ أنت بنَفْسك أم أنت بمَن تَبِعك؟

والجوابُ: أنت بمَن تَبِعك، فالخِطاب في اللغة العربية إذَا وجِّه للمَتبُوع فهو له وللتابع، فصار وَجهُ كون الأُمَّة تبَعًا للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذه الأوامِرِ وما تَضمَّنَتْه من النهي له طريقان:

<<  <   >  >>