يَعنِي: أنَّ اللَّه تعالى نَفَى عنه الحرَج فيما أَحَلَّ له؛ لأنَّ هذا هو سُنَّة اللَّه تعالى فيمَن سبَقَ، و {سُنَّةَ اللَّهِ}؛ أي: طَريقته، والمَعنَى: كطريقة اللَّه تعالى فيمَن سبَقَ من الأنبياء عَلَيْهِم السَّلَامُ.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} من الأنبياءِ: أن لَا حَرَجَ عليهم في ذلك تَوسِعة لهم في النكاحِ، {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ}، فِعْلُه، {قَدَرًا مَقْدُورًا}؛ مَقضِيًّا].
يَقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: إنَّ الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كغَيْره من الأنبياءِ السابقين، فما أحَلَّ اللَّه تعالى له فإنه لا حرَجَ عليه فيه، يَعنِي: لا تَضييق لا مِن قِبَل اللَّه تعالى ولا مِن قِبَل عِباد اللَّه تعالى، وهكذا الأنبياءُ السابِقون ليس عليهم حرَجٌ فيما فرَضَ اللَّه تعالى لهم يَفعَلون ما يَشاؤُون، ما دام الأمرُ محُلَّلًا لهم.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّه لا حرَجَ على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما أَحَلَّ اللَّه تعالى له، وإن كان مخُالِفًا لما يَعتاده الناس؛ لعُموم قوله تعالى:{مِنْ حَرَجٍ} و {فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ}؛ لأن (ما) اسمٌ مَوْصول، فكُلُّ ما أحَلَّ اللَّه تعالى للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا حَرَجَ عليه فيه.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنه لا حرَجَ على الإنسان غير الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما أَحَلَّ اللَّه تعالى له؛ لأنَّ ما ثبَتَ في حقِّ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثبَتَ في حَقِّ أُمَّته إلَّا بدليل، ولكن يَجِب على الإنسان أن يُراعِيَ أحوال الناس، وما يُستَنكَر عليه فيَهِم، حتى لا يُعرِّض نفْسَه للذَّمِّ والقَدْح، فمُراعاة أحوال الناس أَمْرٌ لا بُدَّ منه إلَّا في الأمور الشَّرْعية، فإنَّ الواجِب على المَرْء إبانتُها وإظهارُها.
ويُراعِي الشخصُ ذمَّ الناس له -وليس ذمَّ اللَّه تعالى فقَطْ- فبعض الأشياء