للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المُحلَّلة إذا فعَلها الإنسان صار خارِجًا عن المُروءة في عُرْف الناس، ومُراعاة هذا الأمرِ لا نَأخُذُه من هذه الآيةِ، فمُراعاة هذا الأمرِ أمرٌ لا بُدَّ منه، يَعنِي: افرِضْ أن هناك شَيئًا حلالًا، لكن النَّاس يَنتَقِدونه عليك، وليس هو من الأمور الشرعية التي لا بُدَّ من إبانتها، فالأفضَلُ أن الإنسان أن يَدَعَ هذا.

مَسأَلةٌ: ما الجوابُ عن حديثِ: "لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ" (١)؟

الجَوابُ: هذا من مُراعاة دَفْع المَفاسِد؛ لأَنَّه إذا تَحقَّقتِ المَفسَدة فإن المَفسَدة لا يَجوز للإنسان أن يُمارِسَها يَجِب عليه الكَفُّ عنها، فلا تَكُون داخِلةً في ما أحَلَّ اللَّه تعالى له.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تَكليف النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنه يَلحَقه الحرَجُ فيما لم يُحِلَّه اللَّه تعالى له؛ لقوله تعالى: {فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ}، فيُستَفاد من هذا: أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عبدٌ من عِباد اللَّه تعالى، لا يَخرُج عن طاعته وشريعته، كما قال شيخُ الإسلام محمدُ بنُ عبد الوهَّاب: "إنَّ الرسول محُمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- عَبْدٌ لا يُعبَد، ورسولٌ لا يُكَذَّب" (٢)، وهو كذلك.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن البَيان بالفِعْل أبلَغُ وأَقوَى من البيان بالقَوْل؛ تُؤخَذ من كونِ اللَّهِ تعالى زوَّج زينبَ بنتَ جَحْش -رضي اللَّه عنها- رسولَه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنَّ هذا أبلَغُ في الطُّمَأْنينة وثُبوت الحُكْم.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ ما شرَعَه اللَّه تعالى لرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذه الآيةِ فهو مَشروع لمَن كان قَبْله؛ لقوله تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ}؛ ورُبَّما يُؤخَذ منها


(١) أخرجه البخاري: كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها، رقم (١٥٨٦)، ومسلم: كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها، رقم (١٣٣٣)، من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.
(٢) ثلاثة الأصول (ص: ٣٨).

<<  <   >  >>