للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١].

والَّذي فيه ما يَدُلُّ على الخُصوص مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: ١].

والذي فيه ما لا يَدُلُّ على هذا ولا هذا، مثل هذه الآيةِ، ولكنَّ حُكمَها عامٌّ للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ولأُمَّتِه.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عبدٌ مأمورٌ مُكلَّفٌ، لأَمْره بالتَّقوى، وعدَم إطاعة الكافِرين والمُنافِقين.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن الإنسان مَهما بلَغ من المَرتَبة، فإن التَكاليف لا تَسقُط عنه؛ وعلى هذا فيَتَفرَّع من هذه القاعِدةِ: بيانُ ضَلال أُولئكَ الصوفيةِ الذين يَقولون: إن الإنسان إذا وصَل إلى درجة المُعايَنة سقَطَت عنه التكاليفُ! .

قُلنا: لا؛ لأنه لا أحَدَ يَبلُغ مَرتَبة النبيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ عند اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومع ذلك لم تَسقُط عنه التَّكاليفُ.

فإن قالوا: إن اللَّه تعالى يَقول: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: ٩٩]، يَعنِي: حتى تَصِل إلى درجة اليَقين، ثُم تمَتَنِع عن العِبادة؟

فالجَوابُ: أن المُراد باليَقين هنا هو الموت، قولهم -أي: أصحاب الجحيم- كما قال تعالى عنهم: {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر: ٤٦ - ٤٧]؛ أَتاهم اليَقينُ، يَعنِي: أنَّهم وصَلوا إلى درجة اليَقين؟ أبدًا، إذ ماتوا على التكذيب ولم يَصِلوا إلى درجة اليَقين، وإذا كان هؤلاء يَقولون: إننا وصَلْنا إلى درجة يَقين يَكونون به من أصحاب الجَحيم، فنحن نُوافِقهم على ذلك.

<<  <   >  >>