ولا أَكذَب أَلْسُنًا, ولا أَجبَن عِنْد اللِّقاءِ" (١)، فنَقول: إن هذه الأَوْصافَ أنتُمْ أحَقُّ الناسِ بها.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: شِدَّة فزَع المُنافِقين عند الخَوْف؛ لأن تَصويرهم بهذه الصُّورةِ يَدُلُّ على الفزَع العَظيم الذي يَنالهُم عند الخَوْف.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: شِدَّة مَحبَّة المُنافِقين للحياة؛ لأنهم إنما بَلَغوا هذا المَبلَغَ من الخَوْف حِرْصًا على الحَياة وخَوْفًا من الموت بالقِتال.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: قوَّةُ تصوير القُرآن للأَحْوال الواقِعة؛ لأن هذه الصُّورةَ التي ذكَرَها اللَّه تعالى صورة مُدْهِشة تَجعَل الإنسان يَتخَيَّلُ شِدَّة فزَعهم كأنه رَأيُ عَيْنٍ.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن للمَوْت سكَراتٍ؛ لقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ}، وهذا بالنِّسبة للمَوْت العادِي، أمَّا الموت المُباغِت فقد لا يَكون فيه سكَرات، فقد يَموت الإنسان بَغْتة كالذي يَحدُث بالحوادِث وسَكتات القُلوب وما أَشبَهها.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن هؤلاءِ الجُبَناءَ المُنافِقين إذا ذهَب الخَوْف -على أنهم حين الخَوْف كالأموات أو كالذي يُغْشى عليه من الموت-، صاروا أبطالَ الكَلام، وأُمَراءَ الفَصاحة والتَّسلُّط، لقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ} فإذا ذهَب الخَوْف بدَؤُوا يَتكَلَّمون.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: شِدَّة المُنافِقين على المُؤمِنين، وأنهم عليهم أَشِدَّاءُ غِلاظٌ؛ لقوله
(١) أخرجه الطبري في تفسيره (١١/ ٥٤٣)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١٨٢٩)، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.