للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهو ردٌّ" (١).

فالمُتابَعة مع الإخلاص، وإذا وُجِد مُتابَعة بدون إخلاص فلا يُقبَل العمَل، وإذا وُجِد إخلاصٌ بلا مُتابَعة فلا يُقبَل، فلا بُدَّ من الأمرين، وهكذا إذا ذكَر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عمَلًا صالِحًا؛ فالمُرَادُ بالصَّالِح ما تَضَمَّنَ هذين الشَّرْطين الأساسِيَّين.

قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ}: {نُؤْتِهَا} لم يَقُل: (نُؤتِيها) بالياء؛ لأنها جوابُ الشَّرْط -وهو قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ} - يَكون مجَزومًا، والفِعْل هنا مجَزوم بحَذْف حَرْف العِلَّة، وأَصلُه نُؤتيها، فلمَّا جُزِم حُذِف حَرْف العِلَّة {نُؤْتِهَا}؛ فمَعنَى: {نُؤْتِهَا} أَيْ: نُعْطِها؛ ولهذا نصَبَتْ مَفْعُولين المَفعول الأوَّل (هَا)، والثاني {أَجْرَهَا}.

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} أي: مِثْلَيْ ثواب غيرهن من النِّساء، وفي قِراءةٍ بالتَّحتانية في "تَعمَل"] (ويَعمَل){نُؤْتِهَا}] يَعنِي: و"يُؤتِها" والقِراءة هذه سَبْعيَّة، حسب اصطِلاح المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ، و"يُؤتِها" أي: اللَّهُ، و {نُؤْتِهَا} أي: نحن فالضَّمير يَعود على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.

فقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} أي: كما أنها إذا أتت بفاحِشة مُبيِّنة يُضَاعَف لها العَذاب يوم القِيامة، فإذا قَنتتْ للَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعمِلَت صالِحًا آتاها اللَّه تعالى أَجرَها مَرَّتَين، وإيتاء الأَجْر مَرَّتين ليس بغريب؛ فقد أَثبَت اللَّه تعالى الأَجْر مرَّتين في عِدَّة مَسائِلَ، مِثل: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [القصص: ٥٤].


(١) أخرجه مسلم: كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، رقم (١٧١٨)، من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

<<  <   >  >>