المُراد الأخير؛ لأنَّ الأوَّل لو قُلْنا: إنه ما يَتعارَف الناس عليه من الخِطاب بين الرجُل والمرأة، لكان هذا خاضِعًا لاختِلاف الأعراف، فيُوجَد مثَلًا من النَّاس مَن عُرْفُهم أنَّ المرأة تخاطِب الرَّجُل وتَضحَك إليه وتُمازِحُه كما يُوجَد الآنَ في كثير -مع الأسَف- من بِلاد المُسلِمين، المَرأة مع الرجُل الأجنبي الذي لا تَعرِفه، تَجِدها تَقِف معه وتمُازِحه، وتَضحَك كأنما تُخاطِب زَوْجها -والعِياذُ باللَّه- وهذا لا شَكَّ أنه حرام، وأنه دَعوة إلى الفُجور.
إذَنِ: المُراد بالمَعروف: ما ليس بمُنكَر، يَعنِي: ما عرَفه الشَّرْعُ وأَقَرَّهُ مِنَ الكلام الذي يَكون بعيدًا عن الخُضوع بالقَوْل، وعن التَّمتُّع والتَّلذُّذ به.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}: {قَوْلًا}، هذه مَصدَر، و {مَعْرُوفًا} هذه صِفة، فهي مُبَيِّنَة لنَوْع هذا القَولِ، وهو أنه قول المَعروف، لا قول المُنكَر، إذا قُلْنا: ما أَقرَّه الشَّرْع يَكفِي؛ لأن الشَّرْع يُقِرُّ كلَّ ما تَعارَف الناس ممَّا لا يُخالِفُ الحقَّ، فالمَعروف مِثل قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[آل عمران: ١١٠].
مَسأَلة: إذا اتَّصَل بامرأةٍ فلْيَقُلِ: السلامُ عليكم. ولا شيء فيه، لكن لا يَقول:(أَلو) لأنَّ (أَلو) هذه تحيَّة النَّصارى، مع أنها الآنَ مع الأسَف شائِعة، حتى يُكلِّمك ناسٌ من أَهْل العِلْم وأَهْل المَعرِفة يَقول لكَ:(أَلو)، وهو الذي يَتكلَّم، هو الذي يَتكَلَّم.