للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأبعَدُهن عن الفِتْنة، مَنْهيَّات عن الخُضوع بالقول، مُعَلِّلًا ذلك النهيَ بخَوْف طَمَع مَن في قَلْبه مرَض، فإنَّ الحُكم يَدُور مع عِلَّته وجودًا وعدَمًا، فإذا كان هذا في النساء الطاهِرات المُبرَّءات، فغَيْرهن من بابِ أَوْلى، وإذا كانت العِلَّة خوفَ طمَع مَن في قلبه مرَض، فهذه العِلَّةُ لا تَختَصُّ بزَوْجات الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وعلى هذا فيَحرُم خُضوع المرأة بالقَوْل لأيِّ أحَد من النَّاس، اللهُمَّ إلَّا لمَحارِمها مع أَمْن الفِتْنة أيضًا، يَعنِي: حتى المَحارِم؛ فإن الشَّيْطان يَجرِي من ابن آدَمَ مجَرَى الدمِ، رُبَّما مع خُضوعها بالقول، رُبَّما تَحصُل الفِتْنة، ولا سيَّما المَحارِم بالرَّضاع والمُصَاهَرة؛ لأنَّ نفور الطبيعة عن المَحارِم بالرَّضاع والمُصاهَرة أقَلُّ من نفورها عن المَحارِم بالنسَب والقَرابة، وهذا أمرٌ مُشاهَدٌ؛ ولهذا يَجِب التَّحرُّز في المَحارِم في الرَّضاع والمُصَاهَرة أكثَرَ من التَّحرُّز عن المَحارِم بالنسَب.

وعلى كل حال: كلَّما كان هناك قَرابة صار الإنسان يَنفِر من التَّعلُّق بها تَعلُّقًا شَهوانيًّا فيَنفِر أكثَرَ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنه لا بأسَ بمُخاطَبة المرأة الرِّجال لكن بالمَعروف، تُؤخَذ من قوله تعالى: {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ صَوْت المرأة ليس بعَوْرة خِلافًا لمَن قال: إنه عَوْرة من أهل العِلْم، فالصوابُ أن صوت المرأة لَيْس بعَوْرة؛ ولهذا كان النِّساء يَأتين إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَسألْنه وحولَه أصحابه، ولا يَنهاهُن عن ذلك، ولو كان صَوْت المَرأة عَورة لنَهاهُن النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الكلام مع حُضور الرِّجال.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنه يَجِبُ على الإنسان أن يَكون مُتَّبِعًا لما جاء به الشَّرْع في أقواله وأَفعاله؛ لقوله تعالى: {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}.

<<  <   >  >>