من تِلاوة كِتاب اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى دويٌّ كدَوِيِّ النَّحْل (١) من قِراءة كِتاب اللَّه تعالى في البُيوت.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ القُرآن من آيات اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لقوله تعالى:{مِنْ آيَاتِ اللَّهِ}، وقد سبَقَ في التَّفسير بَيان كَوْنه من آيات اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لما يَتَضمَّن عليه من المَصالِح، والحِكَم والأَسْرار.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنه إذا قُرِنَت الحِكْمة بالكِتاب؛ فالمُراد بها السُّنَّة؛ لأنَّ السُّنَّة أيضًا تَتَضمَّن الحِكْمَة، واللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يَصِفِ السُّنَّة بالحِكْمَة لأنَّ القُرآن ليس فيه حِكْمة، ولكن لمَّا كان القُرآن من عِند اللَّه تعالى، وكلامَ اللَّه تعالى، فإنَّ احتِمال أَنْ لا يَتَضَمَّنَ الحِكْمة بعيدٌ جِدًّا؛ لكن لمَّا كانت السُّنَّة من كلام الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنَّ كلام البَشَر قد يَرِد عليه احتِمال أن لا يَكون مُشتَمِلًا على الحِكْمَة فبيَّن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن السُّنَّة حِكْمة، وإن كانت مِن كَلام الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أو مِن فِعْله، فإنها حِكْمة؛ لأنها مُوافِقةٌ للصواب.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: فيها رَدٌّ على مُنكِري السُّنَّة، ورَدٌّ على آخِرين يُقابِلونهم يَأخُذون بالسُّنَّة ولا يَأخُذون بالقُرآن، لأن هناك ناسًا الآنَ -مع الأسَف- يَعتَنون بالسُّنَّة اعتِناءً عَظيمًا، نَعَمْ حتى إنهم يَغوصون على أَشياءَ قد لا تَكون صحيحةً، ويَأتون بها لكن في القُرآن تُخاطِبهم في القُرآن لا يَعرِفون شيئًا في القُرآن، لا في تَفسيره ولا في إِعْرابه، ولا في شيء أبَدًا منه، بينما هُمْ في السُّنَّة يُذهِبُون ليلَهم
(١) أخرجه ابن المبارك في الزهد (ص: ٣٢ رقم ٩٨)، والإمام أحمد في الزهد رقم (٢٠٢٧)، وابن أبي شيبة في المصنف (١٩/ ٢٩٠)، عن أبي الأحوص، انظر: مختصر قيام الليل للمقريزي (ص: ١٣٤).