للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما قُلتُ: قلَبَ اللَّهُ تعالى فِطْرتهم بسبب أنهم تابَعوا أعداءَ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وكثير من المُسلِمين -مع الأَسَف- الآنَ لا يُحِسُّون بهذه المَسائِلِ، ولا يَرَوْنها شيئًا، فهُمْ ماشُون مع العالَم حتى الأَلفاظ التي قد تَكون محُرَّمة يَمشون فيها! .

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: أن جَزاء اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعظَمُ من عمَل المَرء؛ لأنَّ هذه الأعمالَ التي ذكَرها اللَّه عَزَّ وَجَلَّ جعَل الثَّواب عليها أَمْرَيْن: مَغفِرة الذُّنوب، والأَجْر العَظيم، وهذا الأَجرُ العَظيمُ المُبهَمُ هنا قد بُيِّن في نُصوص من الكِتاب والسُّنَّة: الحسَنة بعَشْر أَمثالها، إلى سَبْع مِئة ضِعْف، إلى أضعاف كثيرة (١)، وهذا مِمَّا يَدُلُّ على فَضْل اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

ومن العجَب: أنَّ فضلَ اللَّه تعالى عليك بالثَّواب كفَضْله عليك بالعمَل، فإنَّ فَضْل اللَّه على الإنسان بالعمَل فَضْل لا يَعدِله شيء، ولهذا جعَل اللَّه تعالى ذلك من إتمام النِّعْمة، فقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]، وجعَل ذلك من مِنَّتِه حيث قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا} [آل عمران: ١٦٤]، وقال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ} [الحجرات: ١٧]، وانظُرِ الآنَ إلى أن اللَّه تعالى هو الذي مَنَّ عليك بالعمَل، ثُمَّ مَنَّ عليك بالثواب، ثُم قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: ٦٠]، مع أنه هو الذي أَحسَنَ إليك، وإحسان اللَّه تعالى عليك بالعمَل مَسبوق بإِحْسانه عليك بشَيءٍ آخَرَ وهو الهِداية والعِلْم؛


(١) أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب من هم بحسنة أو بسيئة، رقم (٦٤٩١)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة كتبت، وإذا هم بسيئة لم تكتب، رقم (١٣١)، من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

<<  <   >  >>