وقوله تعالى:{آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} إذا كانت (آتَيْتَ) بمَعنَى: أَعطَيْت، فهي تَنصِب مَفعولَيْن، المَفعول الأوَّل محَذوف، والتَّقدير: آتَيْتَهنَّ، و {أُجُورَهُنَّ} هو المَفعول الثاني، وجائِزٌ حَذْف المَفعول مع العِلْم به.
وقوله تعالى:{وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} الواو حَرْف عَطْف، و (ما) مَعطوفة على قوله تعالى: {أَزْوَاجَكَ}: وأَحْلَلْنا لك ما مَلَكَتْ يَمينُك، أي: ملَكْتَ ذاتَه أو الانتِفاع به؛ ومَلْك الذات يَستَلزِم مَلْك المَنافِع؛ لأنَّ مَن مَلَك شيئًا ملَكَ مَنافِعَه، ومَن مَلَك المَنافِع لم يَلزَم أن يَملِك الأعيان أو الذات.
وقوله تعالى:{وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} يَمينك ويَداك وما أَشبَه ذلك يُعبَّر بها عن الذاتِ؛ لأنها غالِبًا وَسيلة الأَخْذ والإعطاء، فقوله تعالى:{فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} يَعنِي: بما كَسَبْتم، وقوله تعالى:{وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} أي: ممَّا ملَكْتَ، لكنَّه عبَّر باليمين عن الذات؛ لأن الغالِب أن الأَخْذ والإعطاء هنا باليَد، واليَمين أَشرَفُ من اليَسار، فهي الَّتي يُؤخَذ ويُعْطَى بها.
وقوله تعالى:{وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ}: (مِنْ) هذه بَيانِيَّةٌ وما هو المُبَيَّن؟ المُبيَّن اسمُ المَوْصول -واسمُ الشَّرْط واسمُ الاستِفْهام كلُّها من الأشياءِ المُبهَمة فيَأتي البَيان بعدَها-؛ فقوله:(مِن) بيان (ما) في قوله تعالى: {وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [مِن الكُفَّار بالسَّبْي](أَفاءَ) بمَعنَى: رَدَّ، ومنه الفَيْءُ, وهو الظِّلُّ بعد الشَّمْس؛ لأنه رجَع بعد أن نَسَخْته الشمس، فصار ظِلًّا كما هو الحالُ قبل أن تَأتِيَه الشمس.
وقوله تعالى:{مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} المُراد به هنا الغَنيمة؛ لأن الغَنيمة في الحَقيقة