بقولهم:(مُطابِقًا) الجَهلُ المُركَّب؛ لأن الجَهْل المُركَّب يُدْرِكُ الإنسان به الشيء إدراكًا غيرَ مُطابِق، وخرَج بقولهم:(إدراكُ الشيءِ) الجَهْل البَسيط؛ لأن الجهل البَسيط ليس فيه إدراك إطلاقًا. وهذا هو العِلْم، واللَّه عَزَّ وَجَلَّ لا يَتجَدَّد له العِلْم، وإنما الذي يَتَجدَّد المَعلوم، وتَعلُّق عِلْم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بالمَعلوم له حالان:
١ - تَعلُّق به قبلَ وقوعه.
٢ - تَعلُّق به بعد وقوعه.
فالتَّعلُّق به قبل وقوعه مَعناه أنه عالِم بأنه سيَقَع، والتَّعلُّق به بعد الوقوع أنه عالِم بأنه وقَعَ، والذي يَتَرتَّب عليه الجَزاء هو التَّعلُّق الثاني التَّعلُّق بالمَعلوم بعد وقوعه.
وعلى هذا يَزول الإِشْكال الذي أَوْرَده بعضُ أهل العِلْم رَحِمَهُم اللَّهُ في مثل قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ}[محمد: ٣١]{حَتَّى نَعْلَمَ} هل لم يَعلَم المُجاهِدين؟ نَقول: هو عالِم بهِمْ لكن العِلْم الذي يَترتَّب عليه الجَزاء هو العِلْم بالشيء بعد الوقوع، فالتَّجدُّد إِذَنْ ليس للعِلْم ولكن للمَعلوم.
وهل عِلْم اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَتعلَّق بالواجِب والمُمكِن والمُستَحيل؟ أو بالواجِب والمُمكِن دون المُستَحيل؟ أو بالمُمكِن فقط؟
أمَّا عِلْم اللَّه تعالى بالواجِب فعِلْمه بما يَستَحِقُّه من الأسماء والصِّفات؛ لأن هذا عِلْم بالواجِب فإن اللَّه تعالى قد وجَب له من الكَمال ما هو أَهْله.
وأمَّا عِلْم اللَّه تعالى بالمُستَحيل ففي مثل قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}