الجَوابُ: لاختِلاف المَرجع، فاسمُ الإشارة يَعود على المُشار إليه، والكاف للخِطاب يَعود على المُخاطَب، فقد يَكون المُشار إليه مُفرَدًا والمُخاطَب جَمْعًا كما هنا:{ذَلِكُمْ} أي: المَذكور والخِطاب للصَّحابة -رضي اللَّه عنهم-.
وقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ}: {أَطْهَر} يَعنِي: أَبلَغ في طُهْر القُلوب لقُلوبكم أيُّها السائِلون {وَقُلُوبِهِنَّ} أي: المَسؤُولات، قال رَحِمَهُ اللَّهُ:[من الخَواطِر المُريبة] وانْظُرْ! فهذا الخِطابُ للصحابة وهُمْ أَطهَرُ هذه الأُمَّةِ قُلوبًا في جانِب نِساء النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهنَّ أَعظَمُ النساء عِفَّةً وبُعدًا عن الَمكروه، فإذا كان هذا الخِطابُ في مِثْل هؤلاء القَوْمِ لهؤلاءِ النِّساءِ، فما بالُكَ بمَن سِواهُم، إذا كان احتِمال تَدَنُّس القَلْب بمُخاطَبة المرأة من دون حِجاب وارِدًا في مثل هؤلاءِ القَوْمِ، فما بالُكَ فيمَن دونَهم بمَراحِلَ لا في الزمَن ولا في الرُّتْبة؟ ! يَكون هذا أشدَّ وأشَدَّ؛ ولذلك يُنكَر إنكارًا عظيمًا على مَن قال: إن الحِجاب خاصٌّ بأُمَّهات المُؤمِنين؛ فمِن أين الخُصوصية؟ ! فإذا كان اللَّه تعالى علَّل بأنه أَطهَرُ لقُلوبهم، أي: قُلوب المُخاطَبين والمُخاطَبات، وهُنَّ -بلا شَكٍّ- أطهَرُ النساء وأَعفُّهُنَّ، وكذلك الذين يُخاطِبونهنَّ خير الناس كما جاء في الحديث:"خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي"(١) فما بالُكَ بمَن دُونَهم؛ فاحتِمال تَنَجُّس القَلْب من مخُاطَبة المرأة بدون حِجاب فيمَن بعد الصحابة أَقرَبُ وأقرَبُ بكثير، وإذا كان هذا باعتِبار الصحابة مع زوجاتِ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فغَيرُهم مع نِساء دُونَهُنَّ بكثير من بابِ أَوْلى.
(١) أخرجه البخاري: كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، رقم (٢٦٥٢)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، رقم (٢٥٣٣)، من حديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-.