فالجَوابُ: في قَوله تعالى: {وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} الخِطاب مُوجَّه لهُنَّ، وإلَّا فغَيْر المُؤمِنات يَجِب أن يَستُرْن وُجوهَهُن؛ لأن الفِتْنة حاصِلة، بل ربما تَكون الفِتْنة في غير المُؤمِنات أكثَرَ؛ لأن الرجُل يَقول: هذه كافِرة، فذَنْبها أعظَمُ؛ لأنه قد يُحارِشها أو يَتَوصَّل إليها بالزِّنا.
وهي مخُاطَبة، ولا سيَّما في الأُمور الظاهِرة؛ ولهذا يَمنَعون من إظهار الخَمْر والخِنزِير وما أَشبَه ذلك، مع أنه مُباح في شَريعتهم.
قوله تعالى:{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} جُمْلة: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} تَحتَمِل أن تَكون مَرفوعة وأن تَكون مَجزومة؛ وعلى كل حال هي: مَبنيَّة الآنَ لاتِّصالها بنون النِّسْوة، والفِعْل المُضارِع يَكون مَبنيًّا في مَوضِعين إذا اتَّصَلت به نون النِّسوة أو نون التَّوْكيد، وهنا اتَّصَلت به نون النِّسوة، فهو مَبنيٌّ على السُّكون، لكن هل هو في مَحلِّ رَفْع أو في مَحلِّ جَزْم؟
الجَوابُ: إن كانت {يُدْنِينَ} مَقول القول فهي في محَلِّ رَفْع، يَعنِي: قل لهؤلاء: أَدْنِينَ. وإن كانت جَوابًا للأمر فإنها في مَحلِّ جَزْم؛ لأن جواب الأَمْر يَكون مَجزومًا، وقِيل: إنها مجَزومة على تَقدير اللَّام، أي: قُلْ لأَزْواجك وبناتِك ونِساء المُؤمِنين ليُدْنِين عليهن من جَلابِيبهن هذه على تَقدير لامِ الأَمْر كقول الشاعِر:
(١) ذكره سيبويه في الكتاب (٣/ ٨) ولم ينسبه، ونسبه ابن هشام في شرح شذور الذهب (ص: ٢٧٥) إلى أبي طالب عم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال البغدادي في خزانة الأدب (٩/ ١٤): "لا يعرف قائله، ونسبه الشارح لحسان وليس موجودًا في ديوانه".