قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [(يا) للتَّنبيهِ] وليسَتْ للنِّداء، لأن ياءَ النِّداء لا تَدخُل إلَّا على مَن يَصِحُّ نِداؤُه حَقيقةً أو حُكْمًا، و (لَيْتَ) لا يَصِحُّ نِداؤُها، لأنها حَرْف، لأن:(لَيْتَ) للتَّمنِّي.
يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: إنها [للتَّنبيه]، وقِيل: إنها نِداء لمُنادًى محَذوفٍ يُناسِب المَقامَ: {يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ} المُنادَى المَحذوف تَقديرُه: يا ربَّنا لَيْتَنا أَطَعْنا اللَّه تعالى وأَطَعْنا الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، فعَلى الأوَّل يَكون التَّنبيهُ هنا يُراد به زيادة التَّحسُّر، كأنهم يُنبِّهون أَنْفُسهم لهذا التَّمنِّي ألَّا يَتمَنَّوْه، وعلى الثاني يَكون المُنادَى مَحذوفًا للمُبادرة بذِكْر التَّمنِّي دون ذِكْر مَن وَجَّهوا الخِطاب إليه، وأيًّا كان فإنه يَدُلُّ على شِدَّة تَحسُّرهم.
وقوله تعالى:{يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} هذا تمَنِّي ما يَتَعذَّر حُصوله في ذلك الوقتِ، وهذا أشدُّ تَعذُّرًا من قول الشاعِر:
وقوله تعالى:{يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا}: {أَطَعْنَا} هي أَصْلًا بلا أَلِف فنَقول: أَطَعْن اللَّه وأَطَعْن الرسولَ، ولا تَقُلْ: إنه يَجِب أن أُشير إلى الأَلِف؛ لئَلَّا تَشتَبِه النون، وأما قوله تعالى:{وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ}[النمل: ١٥]، فليس فيها شيء، تُحذَف الألف لالْتِقاء الساكِنَيْن.
فهنا أيضًا نَحذِف الألِف لالتِقاء الساكِنين، ولا نَقول: إن بحَذْفنا إيَّاها يَشتَبِه ضمير المُتكَلِّم بضمير النِّسوة، لأن السِّياق يَدُلُّ على المَعنَى، فالأَلِف مَوْجودة خطًّا، لكن لا يُنطَق بها لَفْظًا، وكذلك في قوله تعالى:{أَطَعْنَا اللَّهَ} مَوْجودة خطًّا، لكن في اللَّفْظ لا تُنطَق بها، وجمثلُه:{دَعَوَا اللَّهَ}[الأعراف: ١٨٩]، تُحذَف الأَلِف.