فإن قُلْت: هنا ما أُضيفت إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فكيف تَقول: إنهم جُنود اللَّه تعالى؟ لأنه يَقول:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا}، فأَضاف إرسالَهم إليه، وقد قال تعالى في آيات أُخرى:{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}[المدثر: ٣١]، فهلِ الرَّبّ عَزَّ وَجَلَّ مُحْتاج إلى جُنودٍ؟
فالجَوابُ: لا، ولا يُمكِن أن يَكون محتاجًا، لكن سُمّوا جُنودًا مع أنَّه لا حاجةَ به إليهم؛ لأنهم يَقومون بأَمْره، ويُدافِعون عن أوليائه، فهُمْ بمَنْزِلة الجنود، وإلَّا فاللَّه عَزَّ وَجَلَّ لا يَحتاج إليهم ولا إلى غيرهم فإنه غَنَيٌّ عن كلٍّ أحَد.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أنَّ الأَصْل أن الناس لا يَرَوْن الملائِكة؛ لقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{لَمْ تَرَوْهَا}، وهو كذلك، لكن قد يَرَوْنهم مِثْلما رأَى الناس جِبْريلَ عَلَيْهِ السَّلام حين جاء إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَسأَلُه عن الإسلامِ والإيمانِ والإحسانِ والساعةِ وأَمَاراتها.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: عُمُوم عِلْم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في كلِّ ما نَعمَل؛ لقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}، ويَشمَل ذلك عمَل القَلْب بدليل قوله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}[ق: ١٦] وهو عمَل قَلْبٍ، أمَّا عمَل الجَوارح فظاهِرٌ.
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: الترغيب والترهيب؛ لقوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}[الأحزاب: ٩]، فإن هذا فيه بالنِّسبة للعمَل الصالِح ترغيب، وأن هذا العمَلَ لم يُهدَر؛ لأنه معلومٌ عند اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا بُدَّ أن يُجازِيَ عليه، وترهيبٌ لكل مَن عمِل سَيِّئةً، وتهديدٌ لهم، فعِندما تُحدِّثك نَفْسُك يومًا من الأيام بأن تَعمَل سَيِّئةً؛ لأنه لا يَطَّلِع عليها أحَدٌ من الخَلْق، فاذْكُر أن اللَّه تعالى يَطَّلِع عليك، قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: