للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنه متنوع تنوع موسيقى الوجود في أنغامه وألحانه

فذلك هو القرآن: إن نطق لم ينطق إلا بالحق، وإن علم لم يعلم إلا الهدى والرشاد، وإن صور لم يصور إلا أجمل لوحات الحياة، وإن رتل ترتيلا لم يسمع بعده لحن في الوجود ذلك كتاب الله المجيد (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).

وأخيرا فالقرآن الكريم، هو مرجع الإسلام الأول، ودليله الأعظم، إليه المستند في العقائد، والعبادات، والحكم، والأحكام، والآداب، والأخلاق، وفيه القصص، والمواعظ، والعلوم، والمعارف، لذلك كله، كان القرآن الكريم، موضع العناية الكبرى من الرسول? ومن صحابته، والتابعين، ومن سلف الأمة، وخلفها جميعًا، منذ القرن الأول إلى يومنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وسيبقى كتاب الله هذا محفوظًا بحفظ الله؛ مصداقًا لقوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩].

وقد تبيّن لنا من خلال البحث أن العناية بالقرآن اتخذت أشكالًا مختلفة؛ فتارةً تتوجّه إلى لفظه وأسلوبه، وأخرى إلى كتابته ورسمه، وثالثة إلى إعجازه وتفسيره.

ويمكننا أن نقول: إن كتاب الله تعالى -الذي حظي من عناية العلماء بالجهد الموفور، لشرحه وتفسيره، وبيان علومه، وهداياته- قد شمل عدة أنواع من المؤلفات، ككُتب التفسير، وكتب علوم القرآن، وكتب المناهج، وكتب الدخيل، فضلًا عن الموضوعات الخاصة في مؤلفاتها الموجزة في العقيدة، والأخلاق، والمعاملات ... ونحو ذلك، ولقد رأينا علماءنا سلفًا، وخلفًا قد ألَّفُوا الكُتُبَ، وتباروْا في هذا الميدان؛ حتى زخرت المكتبة الإسلامية، بثروةٍ لا نظيرَ لَهَا، وتراث عظيم، من المصنفات المتنوعة، والموسوعات القيمة.

وبعد كان هذا إيذانا بجملة من نتائج البحث، الذي وقفنا عنده، فتلك مباحث في علوم القرآن لا ننمي إليها السعة والشمول، ولا ندعي لها التفصيل والاستيعاب، إنما هي طائفة من المسائل المهمة التي نرجو ألا يجهلها أو يتجاهلها عربي ينطق بالضاد أو مسلم يهتف بهذا الدين الحنيف، وها نحن أولاء نتركها بين أيدي القراء سائلين الله أن يشوقهم بها إلى تلاوة كتابه، فتدبر أحكامه، فالعمل بتعاليمه، لعل التاريخ يعيد نفسه، ولعلنا نرجع بهذا الكتاب كما كنا خير أمة أخرجت للناس، ونسأل الله تعالى أن يتقبله منا بأحسن قبوله، وأن ينفع به الباحثين والدارسين، وأن يجعله ذخيرة لنا يوم الدين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

المؤلف

انتهى المقدمة والتمهيد، ويليه تفسير سورة الفاتحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>