للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أخرج ابن أبي حاتم بسنده عن "هشام بن عروة عن أبيه، أن رجلا قال لامرأته: لا أطلقك أبدا، ولا أؤيدك أبدا وكيف ذلك؟ قال: أطلقك، حتى إذا دنا أجلك راجعتك فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت له، فأنزل الله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ}. قال هشام: ولم يكن لهم شيء ينتهون إليه من الطلاق" (١).

والثاني: أخرج الطبري بسنده الصحيح عن عبد الله بن رباح، عن جميلة بنت أبي ابن سلول، أنها كانت عند ثابت بن قيس فنشزت عليه، فأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " يا جميلة، ما كرهت من ثابت؟ قالت: والله ما كرهت منه دينا ولا خلقا، إلا أني كرهت دمامته! فقال لها: أتردين الحديقة " قالت: نعم! فردت الحديقة وفرق بينهما" (٢).

والثالث: أخرج الواحدي عن عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة، أنها أتتها امرأة فسألتها عن شيء من الطلاق، قالت: "فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فنزلت: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} " (٣).

قوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩]، أي: عدد الطلاق الذي يستحق الزوج فيه الردّ والرجعة: اثنتان" (٤).

قال ابن عثيمين: "يعني أن الطلاق الذي فيه الرجعة مرتان: بأن يطلق مرة، ثم يراجع، ثم يطلق مرة، ثم يراجع" (٥).

قال الشوكاني: "أي الطلاق الذي تثبت فيه الرجعة للأزواج هو مرتان أي الطلقة الأولى والثانية إذلارجعة بعد الثالثة وإنما قال سبحانه {مرتان} ولم يقل طلقتان إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون الطلاق مرة بعد مرة لا طلقتان دفعة واحدة كذا قال جماعة من المفسرين" (٦).

وقد اختلف المفسرون في تفسير قوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] على قولين (٧):

الاول: أنه بيان لعدد الطلاق وتقديره بالثلاث، وأنه يملك في الاثنين الرجعة ولا يملكها في الثالثة. وهذا قول قتادة (٨)، وابن زيد (٩)، وعروة (١٠)، والسدي (١١)، وعكرمة (١٢).

وذلك لأن "أهل الجاهلية وأهل الإسلام قبل نزولها لم يكن لطلاقهم نهاية تبين بالانتهاء إليها امرأته منه ما راجعها في عدتها منه، فجعل الله تعالى ذكره لذلك حدًّا، حرَّم بانتهاء الطلاق إليه على الرجل امرأتَه المطلقة، إلا بعد زوج، وجعلها حينئذ أملك بنفسها منه" (١٣).


(١) تفسير ابن أبي حاتم (٢٢٠٦): ص ٢/ ٤١٨، وأخرجه الطبري في تفسيره (٤٧٧٩): ص ٤/ ٥٣٩، والواحدي في أسباب النزول: ٧٩ - ٨٠، وأخرجه الإمام مالك (الموطأ برواية يحيى بن يحيى: ٤٠٣ - ح: ١٢٤٢) والترمذي (٣/ ٤٩٧ - ح: ١١٩٢)، والشافعي وعبد بن حميد (تفسير ابن كثير: ١/ ٢٧١) والبيهقي (فتح القدير: ١/ ٢٣٩) كلهم من طريق هشام به. وهو صحيح الإسناد، إلا أنه مرسل. (حاشية جامع الأصول: ٢/ ٤٦).
(٢) تفسير الطبري (٤٨١٠): ص ٤/ ٥٥٦.
(٣) أسباب النزول: ٨٠، وأخرجه الترمذي (٣/ ٤٩٧) والحاكم (المستدرك: ٢/ ٢٧٩) وابن مردويه والبيهقي (فتح القدير: ١/ ٢٣٩) من طريق يعلى بن شبيب المكي به. وإسناده ضعيف بسبب يعلى (تقريب التهذيب: ٢/ ٣٧٨) - رقم: ٤٠٥).
(٤) محاسن التأويل: ٢/ ١٣٧.
(٥) تفسير ابن عثيمين: ٣/ ١٠٨.
(٦) فتح القدير: ١/ ٢٣٨.
(٧) انظر: النكت والعيون: ١/ ٢٩٣ - ٢٩٤.
(٨) انظر: تفسير الطبري (٤٧٨١)، و (٤٧٨٢): ٤/ ٥٤٠
(٩) انظر: تفسير الطبري (٤٧٨٣): ص ٤/ ٥٤٠
(١٠) انظر: تفسير الطبري (٤٧٧٩): ص ٤/ ٥٣٩ - ٥٤١.
(١١) انظر: تفسير الطبري (٤٧٨٤): ص ٤/ ٥٤٠
(١٢) انظر: تفسير الطبري (٤٧٨٥): ص ٤/ ٥٤١
(١٣) تفسير الطبري: ٤/ ٥٣٨ - ٥٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>