للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُلامٌ رَمَاهُ اللهُ بالحُسْنِ يَافِعًا ... لَهُ سِيمِيَاءٌ لا تَشُقُّ عَلَى البَصَرْ (١)

قوله تعالى: {لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} [البقرة: ٢٧٣]، أي: " لا يسألونك الناس شيئاً أصلاً فلا يقع منهم إِلحاح" (٢).

قال الآلوسي: " أي إلحاحا، وهو أن يلازم المسئول حتى يعطيه من قولهم لحفني من فضل لحافه أي أعطاني من فضل ما عنده، وقيل: سمي الإلحاح بذلك لأنه يغطي القلب كما يغطي اللحاف من تحته" (٣).

قال ابن كثير: " أي: لا يُلحْون في المسألة ويكلفون الناس ما لا يحتاجون إليه، فإن من سأل وله ما يغنيه عن السؤال، فقد ألحف في المسألة" (٤).

قال عطاء في وصفهم: "إذا كان عندهم غداء لا يسألون عشاء، وإذا كان عندهم عشاء لا يسألون غداء" (٥).

وفي انتصاب قوله تعالى (إِلْحَافًا)، ثلاثة أوجه (٦):

أحدها: على أنه مصدر في موضع الحال، أي: لا يسألون في حال الإِلحاف.

والثاني: أنه مفعول لأجله، أي: لا يسألون لأجل الإِلحاف.

والثالث: أنه منصوب على المصدر بفعل مقدر، أي: يلحفون إلحافاً، والجملة المقدرة حال من فاعل (يَسالُون).

قال ابن حجر: " وهل المراد نفي المسألة فلا يسألون أصلاً، أو نفي السؤال بالإِلحاف خاصة، فلا ينتفي السؤال بغير إلحاف؛ فيه احتمال، والثاني أكثر في الاستعمال، ويحتمل أن يكون المراد لو سألوا لم يسألوا إلحافاً فلا يستلزم الوقوع" (٧).

واختلف العلماء في معنى قوله {لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} [البقرة: ٢٧٣]، على قولين (٨):

الأول: قيل هو نفي للسؤال والإلحاف جميعا، أي لايسألون البتة. قاله الطبري (٩) والزجاج (١٠).


(١) أنظر: تفسير الطبري: ٥/ ٥٩٤ - ٥٩٥.
(٢) صفوة التفاسير: ١/ ١٥٦.
(٣) روح المعاني: ٢/ ٤٦.
(٤) تفسير ابن كثير: ١/ ٧٠٥.
(٥) نقلا عن: تفسير البغوي: ١/ ٣٣٨.
(٦) انظر: إعراب القرآن للنحاس: ١/ ٣٤٠، إملاء ما من به الرحمن للعكبري: ١/ ١١٦، مشكل إعراب القرآن لمكي: ١/ ١٤٢، البيان في غريب إعراب القرآن لأبي البركات ابن الأنباري: ١/ ١٧٩، البحر المحيط لأبي حيان: ٢/ ٣٣٠، الدر المصون للسمين: ١/ ٦٥٧، روح المعاني للألوسي: ٣/ ٤٧.
(٧) الفتح: ٨/ ٥٠.
(٨) أنظر: تفسير القرطبي: ٣/ ٣٤٢ - ٣٤٣.
(٩) أنظر: تفسيره: ٥/ ٥٩٩.
(١٠) نقلا عن تفسير القرطبي: ٣/ ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>