للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية: ن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أحب الكلام (١) إلى الله أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، لا يضرك بأيِّهن بدأت (٢)، ولا تسمين غلامك يسارًا ولا رباحًا ولا نجيحًا ولا أفلح، فإنك تقول: أثَمَّ هو؟ فلا يكون فيقول: لا، إنما هن أربع فلا تزيدن عليَّ" (٣).

وقد ثبت فضل الشكر في الشريعة من أوجهٍ كثيرةٍ، منها: (٤)

١ - إنَّ الله سبحانه وتعالى أثنى في كتابه العزيزعلى أهل الشكر، ووصف أفضل خلقه بذلك، فقال عن نوح عليه السلام: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسراء: ٣].

٢ - إنَّ الله عز وجلَّ جعل الهدف من الشكّر تفضله بالنعم، قال سبحانه وتعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: ٧٨].

٣ - إنَّ الله وعد الشاكرين من عباده بأحسن الجزاء، فقال: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: ١٤٥].

٤ - إنَّ الله سبحانه وتعالى قد سمّى نفسه شاكراً شكوراً، وذلك بأن يقبل العمل القليل من العبد ويثني على فاعله، قال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ١٥٨].

٥ - قول الله سبحانه وتعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: ١٤٢]، أي أنّ الله سبحانه وتعالى أمر عباده المؤمنين بذكره وشكره، ونهاهم عن نسيانه وكفره، فذِكْر الله تعالى بأسمائه وصفاته من موجبات محبة الله للعبد، وفي شكره بإقامة الصلاة وأداء العبادات من مقتضيات رحمته وفضله (٥).

٦ - قول الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [ابراهيم: ٧] فقد وعد الله تعالى لمن يشكر نعمه بزيادة تلك النعم (٦)

٧ - عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات ولدُ العبدِ المؤمنِ قال اللهُ للملائكةِ: قبَضْتُم ولَد عبدي؟ قالوا: نَعم قال: قبَضْتُم ثمرةَ فؤادِه؟ قالوا: نَعم قال: فما قال؟ قالوا: استرجَع وحمِدك قال: ابنوا له بيتًا في الجنَّةِ وسمُّوه بيتَ الحمدِ" (٧).


(١) قال النووي: "هذا محمول على كلام الآدمي، وإلا فالقرآن أفضل، وكذا قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل المطلق، فأما المأثور في وقت أو حال ونحو ذلك فالاشتغال به أفضل، والله أعلم"؛ شرح مسلم (٩/ ٩٥).
(٢) قال الصنعاني: "قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يضرك بأيِّهن بدأت)): دل على أنه لا ترتيب بينها، ولكن تقديم التنزيه أولى؛ لأنه تقدم التخلية - بالخاء المعجمة - على التحلية - بالحاء المهملة - والتنزيه: تخلية عن كل قبيح، وإثبات الحمد والوحدانية والأكبرية: تحلية بكل صفات الكمال، لكنه لما كان تعالى منزَّهةً ذاتُه عن كل قبيح، لم تضرَّ البداءة بالتحلية وتقديمها على التخلية"؛ سبل السلام (٤/ ٢٦).
(٣) أخرجه مسلم رقم: (٢١٣٧).
(٤) وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت (١٤٠٤ - ١٤٢٧ هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة ١٧٥، جزء ٢٦٦.
(٥) جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري (٢٠٠٣)، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير (الطبعة الخامسة)، السعودية: مكتبة العلوم والحكم، صفحة ١٣٢، جزء ١١. بتصرّف.
(٦) المصدر نفسه والصحيفة نفسها.
(٧) رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: ٢٩٤٨، أخرجه في صحيحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>