للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن اللهَ ليرضى عن العبدِ أن يأكلَ الأكلةَ فيحمدَه عليها. أو يشربَ الشربةَ فيحمدَه عليها" (١).

٩ - عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّ أمر ذي بالٍ لا يُبدَأُ بالحمد للَّهِ فَهوَ أقطعُ، وفي روايةٍ: بالحمدِ فَهوَ أقطعُ، وفي روايةٍ: كل كلامٍ لا يُبدَأُ فيهِ بالحمد للَّهِ فَهوَ أجذَمُ، وفي رواية: كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأُ فيهِ ببسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ فَهوَ أقطعُ" (٢).

قوله تعالى: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢]، أي: " مالك العالمين" (٣).

قال الواحدي: أي: " مالك المخلوقات كلها" (٤).

قال التستري: أي: " سيد الخلق المربي لهم، والقائم بأمرهم، المصلح المدبر لهم قبل كونهم، وكون فعلهم المتصرف بهم لسابق علمه فيهم، كيف شاء لما شاء، وأراد وحكم وقدر من أمر ونهي، لا رب لهم غيره" (٥).

و(الرب): " هو من اجتمع فيه ثلاثة أوصاف: الخلق، والملك، والتدبير؛ فهو الخالق المالك لكل شيء المدبر لجميع الأمور" (٦).

قال السعدي: " (الرب): هو المربي جميع العالمين -وهم من سوى الله- بخلقه إياهم، وإعداده لهم الآلات، وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة، التي لو فقدوها، لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة، فمنه تعالى، وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة.

فالعامة: هي خلقه للمخلوقين، ورزقهم، وهدايتهم لما فيه مصالحهم، التي فيها بقاؤهم في الدنيا.

والخاصة: تربيته لأوليائه، فيربيهم بالإيمان، ويوفقهم له، ويكمله لهم، ويدفع عنهم الصوارف، والعوائق الحائلة بينهم وبينه، وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير، والعصمة عن كل شر. ولعل هذا [المعنى] هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب. فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة" (٧).

و{العالمين}: "كل ما سوى الله فهو من العالَم؛ وُصفوا بذلك؛ لأنهم عَلَم على خالقهم سبحانه وتعالى؛ ففي كل شيء من المخلوقات آية تدل على الخالق: على قدرته، وحكمته، ورحمته، وعزته، وغير ذلك من معاني ربوبيته" (٨).

قال مقاتل: " {الْعَالَمِينَ}: " عني: الجن والإنس مثل قوله: لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان: ١] " (٩).

واختُلف في اشتقاق (الرب) على أقوال (١٠):


(١) رواه مسلم عن أنس بن مالك (٢٧٣٤).
(٢) رواه النووي في الأذكار، عن أبي هريرة: ص ١٤٩. حديث حسن، روي موصولا ومرسلا ورواية.
(٣) تفسير النسفي: ١/ ٣١. [بتصرف بسيط].
(٤) الوجيز: ٨٨.
(٥) تفسير التستري: ٢٣.
(٦) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٠.
(٧) تفسير السعدي: ٣٩.
(٨) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٠.
(٩) تفسير مقاتل: ١/ ٣٦.
(١٠) انظر: النكت والعيون: ١/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>