للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - إن الصبر أفضل هذه الصفات، لأن الانسان إذا حقق الصبر، حقق جميع هذه الصفات، فمن أقسام الصبر: السبر على طاعة الله وعن معصيته.

٣ - ذم الاتصاف بضدّ هذه الصفات، وهي: الجزع، والذب، وقلة الطاعة، والبخل، والشح، والاستكبار عن الاستغفار.

القرآن

{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)} [آل عمران: ١٨]

التفسير:

شهد الله أنه المتفرد بالإلهية، وقَرَنَ شهادته بشهادة الملائكة وأهل العلم، على أجلِّ مشهود عليه، وهو توحيده تعالى وقيامه بالعدل، لا إله إلا هو العزيز الذي لا يمتنع عليه شيء أراده، الحكيم في أقواله وأفعاله.

في سبب نزول الآية:

قال الواحدي: "قال الكلبي: لما ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة قدم عليه حبران من أحبار أهل الشام، فلما أبصرا المدينة، قال أحدهما لصاحبه: ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان، فلما دخلا على النبي - صلى الله عليه وسلم - عرفاه بالصفة والنعت، فقالا له: أنت محمد؟ قال: "نعم قالا: وأنت أحمد؟ قال: "نعم قالا: إنا نسألك عن شهادة، فإن أنت أخبرتنا بها آمنا بك وصدقناك، فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "سلاني فقالا: أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله فأنزل الله تعالى على نبيه: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم} فأسلم الرجلان وصدقا برسول الله - صلى الله عليه وسلم –" (١). وذكره الثعلبي عن الكلبي (٢).

قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: ١٨]، "أي بيّن وأعلم تعالى عباده بانفراده بالوحدانية" (٣).

قال ابن كثير: " شهد تعالى - وكفى به شهيدا، وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم، وأصدق القائلين - {أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} أي: المتفَرد بالإلهية لجميع الخلائق، وأن الجميع عبيده وخلقه، والفقراء إليه، وهو الغني عما سواه كما قال تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزلَ إِلَيْكَ أَنزلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ (٣) شَهِيدًا} الآية [النساء: ١٦٦] " (٤).

واختلف القراء في قوله: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: ١٨]، على ثلاثة اوجه (٥):

أحدها: {شهد الله}، بالرفع والمد على معنى: هم شهداء يعني: الذين مر ذكرهم. قراءة أبي نهيك وأبي الشعثاء.

والثاني: {شهد الله}، منصوبة على الحال والمدح. رواه المهلب عن محارب بن دثار.

والثالث: {شهد الله}، على الفعل، أي: بيّن لأن الشهادة تبيين، قراءة الباقين.

قوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: ١٨]، أي وشهدت الملائكة وأهل العلم بوحدانيته بدلائل خلقه وبديع صنعه" (٦).

قال ابن كثير: " وهذه خصوصية عظيمة للعلماء في هذا المقام" (٧).

قوله تعالى: {قائِماً بِالْقِسْطِ} [آل عمران: ١٨]، " أي مقيماً للعدل في جميع أمورِه" (٨).

قال القاسمي: "أي بالعدل في أحكامه" (٩).


(١) أسباب النزول للواحدي: ٩٩.
(٢) تفسير الثعلبي: ٣/ ٣٢.
(٣) صفوة التفاسير: ١٧٤.
(٤) تفسير ابن كثير: ٢/ ٢٤.
(٥) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ٣٢.
(٦) صفوة التفاسير: ١٧٤.
(٧) تفسير ابن كثير: ٢/ ٢٤.
(٨) تفسير أبي السعود: ٢/ ١٧.
(٩) محاسن التأويل: ٢/ ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>