للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاسمي: " {فإن حاجوك} في الدين وجادلوك فيه بعد إقامة تلك الآيات فَقُلْ: انقدت لآيات الله المنزلة، وأخلصت نفسي وعبادتي له، لا أشرك فيها غيره" (١).

قال ابن عطية: " الضمير في حَاجُّوكَ لليهود ولنصارى نجران والمعنى: إن جادلوك وتعنتوا بالأقاويل المزورة، والمغالطات فاسند إلى ما كلفت من الإيمان والتبليغ وعلى الله نصرك، [وقل]: جعلت مقصدي لله أو أسلمت شخصي وذاتي وكليتي وجعلت ذلك لله" (٢).

قال الطبري: " وإنما خَصّ جل ذكره بأمره بأن يقول: {أسلمت وجهي لله}، لأن الوجه أكرمُ جوارح ابن آدم عليه، وفيه بهاؤه وتعظيمه، فإذا خضع وجهه لشيء، فقد خضع له الذي هو دونه في الكرامة عليه من جوارح بدنه" (٣).

قال أبو السعود: " وإنما عبر عنها بالوجه لأنه أشرف الأعضاء الظاهرة ومظهرُ القُوى والمشاعر ومجمع معظم ما يقع به العبادةُ من السجودِ والقراءة وبه يحصل التوجُّه إلى كل شيء" (٤).

قال الماوردي: " فإن قيل: في أمره تعالى عند حِجَاجِهمْ بأن يقول {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} عدول عن جوابهم وتسليم لحِجَاجِهم، فعنه جوابان:

أحدهما: ليس يقتضي أمره بهذا القول النهي عن جوابهم والتسليم بحِجَاجِهم، وإنما أمره أن يخبرهم بما يقتضيه معتقده، ثم هو في الجواب لهم والاحْتِجَاج على ما يقتضيه السؤال.

والثاني: أنهم ما حاجُّوه طلباً للحق فيلزمه جوابهم، وإنما حاجُّوه إظهاراً للعناد، فجاز له الإِعراض عنهم بما أمره أن يقول لهم " (٥).

قوله تعالى: {وَمَنِ اتَّبَعَنِ} [آل عمران: ٢٠]، " أي: وأسلم من اتبعني أيضًا وجهه لله" (٦).

قال ابن كثير: أي: " على ديني، يقول كمقالتي، كما قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨] " (٧).

أخرج ابن أبي حاتم عن " عباد بن منصور قال: سألت عن قوله: {ومن اتبعن}، قال: ليقل من اتبعك مثل ذلك، وبها تخاصم اليهود والنصارى" (٨).

قوله تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ} [آل عمران: ٢٠]، " وقل "، يا محمد، للذين أوتوا الكتاب " من اليهود والنصارى " والأميين " الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب" (٩).

وفي تفسير قوله: {وَالأُمِّيِّينَ} [آل عمران: ٢٠]، وجهان من التفسير:

أحدهما: انهم الذين لا كتاب لهم، قاله محمد بن إسحاق (١٠).

والثاني: أنهم الذين لايكتبون، وهم مشركو العرب. قاله ابن عباس (١١).

قوله تعالى: {أَأَسْلَمْتُمْ} [آل عمران: ٢٠]، أي: " هل أفردتم التوحيد وأخلصتم العبادة والألوهة لرب العالمين" (١٢).

قوله تعالى: {فَإِنْ أَسْلَمُوا} [آل عمران: ٢٠]، " أي فإِن أسلموا كما أسلمتم" (١٣).


(١) محاسن التأويل: ٢/ ٢٧٩.
(٢) المحرر الوجيز: ١/ ٤١٤.
(٣) تفسير الطبري: ٦/ ٢٨٠.
(٤) تفسير أبي السعود: ٢/ ١٨.
(٥) النكت والعيون: ١/ ٣٨١.
(٦) تفسير الطبري: ٦/ ٢٨٠.
(٧) تفسير ابن كثير: ٢/ ٢٦.
(٨) تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٢٤): ص ٢/ ٦١٩.
(٩) تفسير الطبري: ٦/ ٢٨١.
(١٠) تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٢٦): ص ٢/ ٦١٩.
(١١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٢٧): ص ٢/ ٦٢٠.
(١٢) تفسير الطبري: ٦/ ٢٨١.
(١٣) صفوة التفاسير: ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>