للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حريصا على إيمانهم مزعجا نفسه في الاجتهاد في ذلك سكن جأشه بقوله: {إنما أنت نذير} (١) و {فإنما عليك البلاغ} والمعنى: لا تقدر على سوق قلوبهم إلى الصلاح فعلى هذا لا نسخ" (٢).

الفوائد:

١ - التسليم لله وتفويض الأمر إليه.

٢ - أن الوجه أشرف الأعضاء، وهو الذي يكون به الانقياد وعدمه، ولهذا اقرب مايكون العبد من ربه إذا كان ساجدا، لأنه يضع اشرف الأعضاء على موطئ الأقدام.

٢ - أن النبي-صلى الله عليه وسلم- متبع لا تابع، لقوله: {ومن اتبعن}، عليه الواجب على من تبين له الحق ان يأخذ به.

٣ - لا يون قول أحد أهل العلم حجة على الىخرين، لأن الكل تابعون لا متبوعون.

٤ - بيان عظيم منة الله تعالى على العرب ببعثة الرسول-صلى الله عليه وسلم-، ووجه ذلك أنه قال: {للذين اوتوا الكتاب والأميين}، وفرق بين الوصفين، بين من اوتي الكتاب وبين الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، لكنهم ببعثة الرسول-صلى الله عليه وسلم- كانوا هم اهل الكتاب حقا.

٥ - وجوب الاسلام والاستسلام لله تعالى، وأن أهل الهدى هم المسلمون، قال تعالى: {فإن أسلموا فقد اهتدوا}.

٦ - إن من لم يسلم فهو ضال، وإن كان علم الحق فكان من الضالين المغضوب عليهم، لأن كل من علم الحق ولم يتبعه فهو مغضوب عليه، قال تعالى: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٢٠)} [آل عمران: ٢٠]

٧ - ومن الفوائد: أنه لايجب على الداعية إلا البلاغة، أما الهداية فإلى الله، لقوله: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ}.

٨ - ومن الفوائد أيضا: أن الانسان لايسأل عن عمل غيره، فيقوم بما يجب عليه، وأما غيره فامره إلى الله تعالى، لقوله: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ}.

٩ - ومنها: عموم علم الله تعالى، لقوله: {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}، أي: بجميع أحوالهم، ويتضمن التحذير من مخالفة الله.

القرآن

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢١)} [آل عمران: ٢١]

التفسير:

إن الذين يجحدون بالدلائل الواضحة وما جاء به المرسلون، ويقتلون أنبياء الله ظلمًا بغير حق، ويقتلون الذين يأمرون بالعدل واتباع طريق الأنبياء، فبشِّرهم بعذاب موجع.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} [آل عمران: ٢١]، " أي يكذبون بما أنزل الله" (٣).

قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: ٢١]، " أي يقتلون أنبياء الله بغير سبب ولا جريمة" (٤).

قال الزمخشري: " وهم أهل الكتاب. قتل أولوهم الأنبياء وقتلوا أتباعهم وهم راضون بما فعلوا، وكانوا حول قتل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم والمؤمنين لولا عصمة اللَّه" (٥).

أخرج ابن المنذر عن عبد الله، " إن بني إسرائيل كانوا يقتلون في اليوم ثلاثمائة نبي، ثم تقوم سوقهم من آخر النهار " (٦).

أخرج الطبري عن أبي عبيدة بن الجراح قال: "قلت: يا رسول الله، أىّ الناس أشدّ عذابًا يوم القيامة؟ قال: " رجل قتل نبيًّا، أو رجل أمر بالمنكر ونهى عن المعروف. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنّ الذين


(١) الآية: ١٢، من سورة هود.
(٢) نواسخ القرآن: ٣٢٣.
(٣) صفوة التفاسير: ١٧٤.
(٤) صفوة التفاسير: ١٧٤.
(٥) الكشاف: ١/ ٣٤٧.
(٦) تفسير ابن المنذر (٣١٧): ص ١/ ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>