للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السعدي: " فاستحقوا بهذه الجنايات المنكرات أشد العقوبات، وهو العذاب المؤلم البالغ في الشدة إلى غاية لا يمكن وصفها، ولا يقدر قدرها المؤلم للأبدان والقلوب والأرواح" (١).

الفوائد:

١ - من فوائد الآية: وجوب الإيمان بآيات الله الشرعية والكونية، لأن الله تعالى توعد هؤلاء الكافرين بالعذاب الأليم.

٢ - تحريم قتل النبيين، وأنه بغير حق وهو من جملة الكفر، لكن نصّ عليه لشدة شناعته.

٣ - شناعة كل من يقتل أو يقاتل من يامر بالقسط من الناس.

٤ - ثبوت العذاب على هؤلاء المتصفين بهذه الصفات، لقوله: {فبشرهم بعذاب أليم}، وأن هذا العذاب ليس هينا وإنما هو عذاب موجع.

القرآن

{أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٢٢)} [آل عمران: ٢٢]

التفسير:

أولئك الذين بطلت أعمالهم في الدنيا والآخرة، فلا يُقبل لهم عمل، وما لهم من ناصرٍ ينصرهم من عذاب الله.

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [آل عمران: ٢٢]، أي: أولئك "بطلت أعمالهم التي عملوها من البر والحسنات، ولم يبق لها أثر في الدارين" (٢).

قال أبو مالك: " يعني: بطلت أعمالهم" (٣).

قال أبو السعود: " أي أولئك المتصفون بتلك الصفات القبيحة أو المبتلون بأسوأ الحال الذين بطلت أعمالُهم التي عمِلوها من البر والحسنات ولم يبق لها أثر في الدارين بل بقي لهم اللعنة والخزيُ في الدنيا وعذاب أليم في الآخرة" (٤).

قال الثعلبي: " حبطت: ذهبت وبطلت، وأصله من «الحبط» وهو أن ترعى الماشية [بلا دليل ورديع] «٤» فتنتفخ من ذلك بطونها، وربما ماتت منه، ثم جعل كل شيء يهلك حبطا، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا إذ يلم» (٥) " (٦).

قال القرطبي: " الحبط: هو فساد يلحق المواشي في بطونها من كثرة أكلها الكلأ فتنتفخ أجوافها وربما تموت من ذلك" (٧).

قال الراغب: "يعني بقوله {أُولَئِكَ}: هم الذين يكفرون ويقتلون، بطلت في الدنيا والآخرة أعمالهم، أما في الدنيا فلأنهم لم يحصِّلوا منها محمدةَ، وأما في الآخرة فلم يحصِّلوا منها مثوبة، وذلك، نحو قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: ٢٣] " (٨).

قال ابن عطية: " و {حَبِطَتْ} معناه: بطلت وسقط حكمها، وحبطها في الدنيا بقاء الذم واللعنة عليهم، وحبطها في الآخرة كونها هباء منبثا وتعذيبهم عليها" (٩).

وقرأ ابن عباس وأبو السمال العدوي: " {حبطت} بفتح "الباء"، وهي لغة" (١٠).


(١) تفسير السعدي: ١/ ١٢٦.
(٢) صفوة التفاسير: ١٧٥.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٣٣٨): ص ٢/ ٦٢٢.
(٤) تفسير أبي السعود: ٢/ ٢٠.
(٥) صحيح ابن حبان: ٨/ ٢٣، كنز العمال: ٣/ ٢٠٤.
(٦) تفسير الثعلبي: ٣/ ٣٧.
(٧) تفسير القرطبي: ٣/ ٤٦.
(٨) تفسير الراغب الأصفهاني: ٢/ ٤٧٩.
(٩) المحرر الوجيز: ١/ ٤١٥.
(١٠) المحرر الوجيز: ١/ ٤١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>