للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرابع: قال ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: "إن رجلا وامرأة من أهل خيبر زنيا، فذكر القصة الآتية في سورة المائدة، وفيها: فحكم عليهما بالرجم، فقال له نعمان بن أبي أوفى وبحري بن عمرو: جرت علينا يا محمد، فقال: بيني وبينكم التوراة، القصة، وفيها ذكر ابن صوريا، وفي آخرها فأنزل الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} إلى قوله: {وَهُمْ مُعْرِضُونَ} " (١).

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} [آل عمران: ٢٣]، "أي: ألم يا محمد إلى الذين أعطوا حظًّا من الكتاب" (٢).

قال مقاتل: "يعني: أعطوا حظا من التوراة" (٣). وروي عن السدي مثله (٤).

قال الزمخشري: " يريد أحبار اليهود، وأنهم حصلوا نصيبا وافرا من التوراة" (٥).

قال الصابوني: " أي ألا تعجب يا محمد من أمر هؤلاء الذين أوتوا نصيباً من الكتاب" (٦).

وفي الكتاب الذي دعوا إليه قولان:

أحدهما: أنه التوراة، دعي إليها اليهود فأبوا، قاله ابن عباس (٧)، ورجّحه الطبري (٨).

والثاني: القرآن، لأن ما فيه موافق لما في التوراة من أصول الدين، قاله الحسن وقتادة (٩)، وابن جريج (١٠).

قوله تعالى: {يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} [آل عمران: ٢٣]، أي: "يدعون إلى التوراة ليقضي بينهم فيما تنازعوا فيه" (١١).

قال مقاتل: " يعني التوراة ليقضي بينهم " (١٢).

قال الزمخشري: " وهو التوراة" (١٣).

قال ابن كثير: أي: " وإذا دعوا إلى التحاكم إلى ما فيهما من طاعة الله فيما أمرهم به فيهما، من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم" (١٤).

قوله تعالى: {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [آل عمران: ٢٣]، أي: " ثم يعرض فريق منهم عن قبول حكم الله، وهم قوم طبيعتهم الإِعراض عن الحق" (١٥).

قال سعيد بن جبير: " فريق يعني: طائفة" (١٦).

قال الطبري: أي: " ثم يستدبر عن كتاب الله الذي دعا إلى حكمه، معرضًا عنه منصرفًا، وهو بحقيقته وحجته عالم" (١٧).

قال ابن كثير: " وهذا في غاية ما يكون من ذمهم، والتنويه بذكرهم بالمخالفة والعناد" (١٨).

الفوائد:


(١) العجاب في بيان الأسباب: ٢/ ٦٧٤.
(٢) تفسير الطبري: ٦/ ٢٨٨.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٢٦٩.
(٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٣٩): ص ٢/ ٦٢٢.
(٥) الكشاف: ١/ ٤٣٨.
(٦) صفوة التفاسير: ١/ ١٧٥.
(٧) انظر: تفسير الطبري (٦٧٨١): ص ٦/ ٢٨٨ - ٢٨٩.
(٨) انظر: تفسير الطبري: ٦/ ٢٩٠.
(٩) انظر: تفسير الطبري (٦٧٨٣): ص ٦/ ٢٨٩ - ٢٩٠.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (٦٧٨٥): ص ٦/ ٢٩٠.
(١١) انظر: صفوة التفاسير: ١/ ١٧٥.
(١٢) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٢٦٩.
(١٣) الكشاف: ١/ ٤٣٨.
(١٤) تفسير ابن كثير: ٢/ ٢٨.
(١٥) صفوة التفاسير: ١٧٥.
(١٦) أخرجه ابن ابي حاتم (٣٣٤١): ص ٢/ ٦٢٢.
(١٧) تفسير الطبري: ٦/ ٢٩١.
(١٨) تفسير ابن كثير: ٢/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>