للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ميمون بن مهران: أي: "غدقا" (١)، وروي عن الوليد بن قيس نحو هذا (٢).

قال الربيع: "يخرج الرزق من عنده بغير حساب، لا يخاف أن ينقُص ما عنده تبارك وتعالى" (٣).

قال محمد ابن إسحاق: " لا يقدر على ذلك غيرك ولا يصنعه إلا أنت، وترزق من تشاء برا وفاجرا حي بغير حساب" (٤).

قال مقاتل: " يقول- سبحانه- ليس فوقي ملك يحاسبني، أنا الملك أعطي من شئت بغير حساب، لا أخاف من أحد يحاسبني" (٥).

قال الطبري: ": أنه يُعطى من يشاء من خلقه فيجود عليه، بغير محاسبة منه لمن أعطاه، لأنه لا يخاف دخولَ انتقاص في خزائنه، ولا الفناءَ على ما بيده" (٦).

قال ابن كثير: " أي: تعطي من شئت من المال ما لا يَعده ولا يقدر على إحصائه، وتقتر على آخرين، لما لك في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة والعدل" (٧).

الفوائد:

١ - من فوائد الآية: تمام قدرة الله تعالى وسلطانه في كونه يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، فلا أحد يستطيع أن يزيد دقيقة من الليل في النهار أو بالعكس.

٢ - إثبات حكمة الله، لأن هذا الإيلاج له حكم عظيمة لاتقوم مصالح الخلق إلا بها، لما يترتب على هذا الايلاج اختلاف فصول السنة التي يترتب على اختلافها نمو الاجساد والنبات، فمن النبات ما يكون شتويا ومنه ما يكون صيفيا.

٣ - ومنها ما يترتب على هذا الإيلاج من اختلاف درجة حرارة الجو، فيعرف الإنسان ضعفه وافتقاره الى ربه، إذ هو محتاج إلى ربه في الحالين، لما يتطلب ما يدفئه في البرد، أو مايبرده في حر الصيف.

٤ - ومن حكمته تعالى المترتبة على إيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل، أن هناك جراثيم مؤذية لا يقتلها إلا شدة البرد، ومنها لا يقتلها إلا شدة الحر.

٥ - تمام قدرة الله وسلطانه بإخراج الحي من المين، وإخراج الميت من الحي، إذ أن إخراج الشيء من ضده دليل على أن قدرته تامة، وسلطانه نافذ سبحانه وتعالى.

٦ - ومنها: أن الرزق بيد الله، لقوله: {وترزق من تشاء}، عليه فلا ينبغي لعقل أن يطلب الرزق من ايدي الناس.

٧ - ومنها: أن عطاء الله بلا عوض، لقوله: {بغير حساب}.

٨ - ومنها: إثبات المشيئة لله عزّ وجلّ، لقوله: {من يشاء}.

القرآن

{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨)} [آل عمران: ٢٨]

التفسير:

ينهى الله المؤمنين أن يتخذوا الكافرين أولياء بالمحبة والنصرة من دون المؤمنين، ومَن يتولهم فقد برِئ من الله، والله برِيء منه، إلا أن تكونوا ضعافًا خائفين فقد رخَّص الله لكم في مهادنتهم اتقاء لشرهم، حتى تقوى شوكتكم، ويحذركم الله نفسه، فاتقوه وخافوه. وإلى الله وحده رجوع الخلائق للحساب والجزاء.

في سبب نزول الآية أقوال:


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٣٧٢): ص ٢/ ٦٢٨.
(٢) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٧٢): ص ٢/ ٦٢٨.
(٣) أخرجه الطبري (٦٨٢٣): ص ٦/ ٣١٠ - ٣١١.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٣٧٤): ص ٢/ ٦٢٨.
(٥) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٢٧٠.
(٦) تفسير الطبري: ٦/ ٣١١.
(٧) تفسير ابن كثير: ٢/ ٢٩ - ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>