للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: قال مقاتل: " نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وغيره كانوا يظهرون المودة لكفار مكة فنهاهم الله- عز وجل- عن ذلك" (١).

والثاني: قال محمد بن إسحاق: " قال محمد بن أبي محمد وكان الحجاج بن عمرو، وابن أبي الحقيق، وقيس بن زيد، قد بطنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم، فقال رفاعة بن المنذر، وعبد الله بن جبير وسعد ابن خثيمة لأولئك النفر: اجتنبوا هؤلاء النفر من اليهود واحذروا مباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم، فأبى أولئك النفر، فأنزل الله عز وجل فيهم لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين إلى قوله: والله على كل شيء قدير" (٢). ونقله الثعلبي عن ابن عباس (٣).

والثالث: روي الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، قال: "نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه، كانوا يتولون اليهود والمشركين ويأتونهم بالأخبار، ويرجون أن يكون لهم الظفر على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ونهى المؤمنين عن مثل فعلهم" (٤).

والرابع: وروي جويبر عن الضحاك عن ابن عباس: "نزلت في عبادة بن الصامت الأنصاري، وكان بدريا تقيا، وكان له حلفاء من اليهود، فلمّا خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم الأحزاب، قال عبادة: يا نبي الله إنّ معي خمسمائة رجل من اليهود، وقد رأيت أن يخرجوا معي فاستظهرتهم على العدوّ، فأنزل الله تعالى: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ} الآية" (٥).

قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ٢٨]، أي: " لا تتخذوا، أيها المؤمنون، الكفارَ ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين" (٦).

قال السدي: " أما أولياء فيواليهم في دينهم، ويظهرهم على عورة المؤمنين" (٧).

قال الزمخشري: " نهوا أن يوالوا الكافرين لقرابة بينهم أو صداقة قبل الإسلام أو غير ذلك من الأسباب التي يتصادق بها ويتعاشر" (٨).

قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} [آل عمران: ٢٨]، أي: و"من يرتكب نهى الله في هذا فقد برئ من الله" (٩).

قال السدي: " ومن يفعل هذا فهو مشرك" (١٠)، "فقد برىء الله منه" (١١).

قال الثعلبي: " أي موالاة الكفار في نقل الأخبار إليهم، وإظهارهم على عدّة المسلمين" (١٢).

ويحتمل قوله تعالى: {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} [آل عمران: ٢٨]، وجهان:

أحدهما: أي ليس من دين الله في شيء. أفاده الثعلبي (١٣).

والثاني: أن المعنى: ليس من الولاية في شيء، فقد بريء الله منه. قاله الحسن (١٤) والسدي (١٥).


(١) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٢٧٠.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٣٧٧): ص ٢/ ٦٢٩.
(٣) تفسير الثعلبي: ٣/ ٤٦.
(٤) تفسير الثعلبي: ٣/ ٤٧.
(٥) تفسير الثعلبي: ٣/ ٤٧، وأسباب النزول للواحدي: ١٠٢ - ١٠٣، والعجاب: ٢/ ٦٧٧، وزاد "في تفسيره" أي جوبير، وهذه الرواية ضعيفة جدًا بسبب جويبر، ومنقطعة أيضًا؛ لأن الضحاك لم يلق ابن عباس.
(٦) تفسير الطبري: ٦/ ٣١٣.
(٧) أخرجه ابن ابي حاتم (٣٣٧٦): ص ٢/ ٦٢٩.
(٨) الكشاف: ١/ ٣٥١.
(٩) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٠.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٣٧٨): ص ٢/ ٦٢٩.
(١١) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٣٧٩): ص ٢/ ٦٢٩.
(١٢) تفسير الثعلبي: ٣/ ٤٧.
(١٣) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ٤٧.
(١٤) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ٤٧.
(١٥) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٧٩): ص ٢/ ٦٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>