للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: ٢٨]، "أي: إِلا أن تخافوا منهم محذوراً أو تخافوا أذاهم وشرهم، فأظهروا موالاتهم باللسان دون للقلب" (١).

قال ابن عباس: " فالتقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله، فيتكلم به مخافة الناس وقلبه مطمئن بالإيمان فإن ذلك لا يضره إنما التقية باللسان" (٢).

قال مجاهد: " يعني: إلا مصانعة في الدنيا " (٣).

قال ابن كثير: "أي: إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته" (٤).

قال الثعلبي: " يعني: إلّا أن تخافوا منهم مخافة" (٥)، "وأنكر قوم التقيّة اليوم: فقال معاذ بن جبل عن مجاهد: كانت التقيّة في جدة الإسلام قبل استحكام الدين وقوة المسلمين، فأمّا اليوم فقد أعزّ الله عزّ وجل الإسلام، فليس ينبغي لأهل الإسلام أن يتّقوا من عدوهم" (٦).

وقال يحيى البكاء: "قلت لسعيد بن جبير في أيام الحجّاج: إنّ الحسن كان يقول لكم: التقيّة باللسان والقلب مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ. قال سعيد: ليس في الإسلام تقيّة إنّما التقيّة في أهل الحرب" (٧).

ولأهل العلم في تفسير "التقية" في قوله تعالى: {إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: ٢٨]، وجوها:

أحدها: أن التقية باللسان وليست بالعمل. قاله ابن عباس (٨)، وعكرمة (٩)، وأبو العالية (١٠)، وعطاء بن أبي رباح (١١)، والضحاك (١٢) وجابر بن زيد (١٣).

والثاني: أن معناه: إلا أن يكون بينك وبينه قرابة فتصله لذلك. قاله قتادة (١٤).

الثالث: أن المعنى: إلا مصانعة في الدنيا ومخالقة. وهذا قول مجاهد (١٥).

واختلفوا في قراءة قوله تعالى: {تُقَاةً} [آل عمران: ٢٨]، على وجوه (١٦):

أحدها: {تقية}، على وزن "نقية"، قرأ بها أبو العالية عن الحسن، والضحاك وأبو رجاء وجابر بن زيد وحميد بن مجاهد.

والثاني: {تقية}، بالاحتجاج فكان الياء. قرأ بها حمزة والكسائي وخلف.

والثالث: {تُقاةً}، بالتضميم. قرأ بها الباقون وأختاره أبو عبيدة.

والرابع: {تقاءة}، مثل تكأة ويؤده ونحوها، وهي مصدر "أتقى". قرأ بها الأخفش.

قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: ٢٨]، أي: و"يخوفّكم الله عقابه الصادر منه تعالى" (١٧).

قال ابن كثير: " أي: يحذركم نقمته، أي مخالفته وسطوته في عذابه لمن والى أعداءه وعادى أولياءه" (١٨).


(١) صفوة التفاسير: ١٧٨.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٣٨١): ص ٢/ ٦٢٩.
(٣) تفسير مجاهد: ٢٥١.
(٤) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٠.
(٥) تفسير الثعلبي: ٣/ ٤٧.
(٦) تفسير الثعلبي: ٣/ ٤٨.
(٧) تفسير الثعلبي: ٣/ ٤٨.
(٨) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٨١)، و (٣٣٨٢): ص ٢/ ٦٢٩.
(٩) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٨٠): ص ٢/ ٦٢٩.
(١٠) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٨٣): ص ٢/ ٦٣٠.
(١١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٨٤): ص ٢/ ٦٣٠.
(١٢) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٨٤): ص ٢/ ٦٣٠.
(١٣) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٨٤): ص ٢/ ٦٣٠.
(١٤) انظر: تفسير ابن ابي حاتم (٣٣٨٥): ص ٢/ ٦٣٠.
(١٥) انظر: تفسير مجاهد: ٢٥١، وتفسير ابن ابي حاتم (٣٣٨٦): ص ٢/ ٦٣٠، وفيه زيادة"مخالقة".
(١٦) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ٤٧، والسبعة في القراءات: ٢٠٤.
(١٧) صفوة التفاسير: ١٧٨.
(١٨) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>