للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)} [النساء: ١]

التفسير:

يا أيها الناس خافوا الله والتزموا أوامره، واجتنبوا نواهيه; فهو الذي خلقكم من نفس واحدة هي آدم عليه السلام، وخلق منها زوجها وهي حواء، ونشر منهما في أنحاء الأرض رجالا كثيرًا ونساء كثيرات، وراقبوا الله الذي يَسْأل به بعضكم بعضًا، واحذروا أن تقطعوا أرحامكم. إن الله مراقب لجميع أحوالكم.

قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: ١]، أي: يا أيها الناس" خافوا الله الذي أنشأكم من أصلٍ واحد وهو نفس أبيكم آدم" (١).

قال البيضاوي: " خطاب يعم بني آدم، أي خلقكم من شخص واحد " (٢).

قال الزمخشري: أي: " يا بنى آدم فرعكم من أصل واحد وهو نفس آدم أبيكم" (٣).

قال مقاتل: " يخوفهم يقول: اخشوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، يعنى: آدم" (٤).

وعن مقاتل بن حيان قوله: {اتقوا ربكم}: واعبدوه" (٥).

عن ابن عباس: " {يا أيها الناس}، أي: للفريقين جميعا من الكفار والمنافقين" (٦).

قال السدي: " أما خلقكم من نفس واحدة، فمن آدم صلى الله عليه وسلم " (٧)، وروي عن مجاهد وأبي مالك، وقتادة ومقاتل نحو ذلك (٨).

فذكر عامة المفسرين أنه عنى بالنفس آدم، {وزوجها}: حواء، في حين ذكر بعضهم أنه عنى بالنفس الروح المذكورة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله خلق الأرواح قبل الأجسام بكذا سنة» (٩) " (١٠).

قال الراغب: " أدنى منازل التقوى اجتناب الكفر، وأعلاها أن لا تراعي من الدنيا والآخرة سوى الله" (١١).

قوله تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: ١]، " أي: وأوجد من تلك النفس الواحدة زوجها وهي حواء" (١٢).

قال البيضاوي: أي: وخلق منه أمكم حواء من ضلع من أضلاعه" (١٣).

قال مجاهد: "حواء من قصير آدم وهو نائم، فاستيقظ، فقال: أثا، بالنبطية، أي امرأة" (١٤)،

وروي عن السدي وقتادة ومقاتل بن حيان أنها: "حواء" (١٥).


(١) صفوة التفاسير: ٢٣٦.
(٢) تفسير البيضاوي: ٢/ ٥٨.
(٣) الكشاف: ١/ ٤٦١.
(٤) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٥٥.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٧١٣): ص ٣/ ٨٥٢.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٧١٢): ص ٣/ ٨٥٢.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٧١٤): ص ٣/ ٨٥٢.
(٨) انظر: تفسير ابن أبي حاتم ((٤٧١٤): ص ٣/ ٨٥٢.
(٩) ضعيف، انظر: أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري): ص ٣/ ١٥٣١، وفتح الباري (٧/ ٣٦٩، ٣٧٠)، والأسماء والصفات للبيهقي: ٢/ ٢١٦، وذكره جماعة من المفسرين، منهم الراغب في تفسيره: ٣/ ١٠٧٢، والرازي في مفاتيح الغيب: ٢٩/ ٣٢٨، وأبو حيان في البحر: ٣/ ٤٩٥.
قال أبو الفداء: " وأما حديث خلق الله الأرواح قبل الأجسام بألفي عام فضعيف جدًّا، فلا يعول عليه, وكذا قول ابن عباس: "خلق الله الأرواح قبل الأجسام بأربعة آلاف سنة, وخلق الأرزاق قبل الأرواح بأربعة آلاف سنة" فلم يثبت عن ابن عباس، بل هو باطل عنه، قاله ابن حجر المكي في فتاويه الحديثية". [كشف الخفاء: ١/ ٢٦٠].
(١٠) انظر: تفسير الراغب الأصفهاني: ٣/ ١٠٢٧.
(١١) تفسير الراغب الأصفهاني: ٣/ ١٠٧٢.
(١٢) صفوة التفاسير: ٢٣٦.
(١٣) تفسير البيضاوي: ٢/ ٥٨.
(١٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٧١٩): ص ٣/ ٨٥٣.
(١٥) انظر: ابن أبي حاتم (٤٧١٩): ص ٣/ ٨٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>