للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: ٦]، " أي: ومن كان منكم غنياً أيها الأولياء فليعف عن مال اليتيم ولا يأخذ أجراً على وصايته" (١).

قال السمرقندي: " أي ليحفظ نفسه عن مال اليتيم" (٢).

قال الواحدي: أي: " لا يأكل منه شيئاً" (٣).

قال ابن كثير: أي: " من كان في غُنْية عن مال اليتيم فَلْيستعففْ عنه، ولا يأكل منه شيئا. قال الشعبي: هو عليه كالميتة والدم" (٤).

قال الطبري: أي: " ومن كان غنيًّا، من ولاة أموال اليتامى على أموالهم، فليستعفف بماله عن أكلها - بغير الإسراف والبدار أن يكبروا - بما أباح الله له أكلها به" (٥).

قالت عائشة-رضي الله عنها-: " نزلت في والي اليتيم" (٦). وقال سعيد بن جبير: " يعني: الوصي" (٧). وروي عن السدي والحكم مثل قول سعيد بن جبير (٨).

عن ابن عباس: {ومن كان غنيا فليستعفف}: فلا يحتاج إلى مال اليتيم (٩).

وقال الحسسن: " والي مال اليتيم إن كان غنيا فليستعفف، أن يأكل من أموالهم شيئا" (١٠).

وقال نافع ابن أبي نعيم -يعني: القارئ-: "سألت يحيى بن سعيد وربيعة عن قول الله تعالى: {ومن كان غنيا فليستعفف}، قالا: ذلك في اليتيم إن كان غنيا أنفق عليه بقدر غناه، ولم يكن للولي منه شيء" (١١).

قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ٦]، " أي: ومن كان فقيراً فليأخذ بقدر حاجته الضرورية وبقدر أجرة عمله" (١٢).

قال الواحدي: أي: " يقدِّر أجرة عمله" (١٣).

وفي قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ٦]، أربعة وجوه:

أحدها: أنه القرض يستقرض إذا احتاج ثم يرده إذا وجد، وهو قول عمر (١٤)، وابن عباس (١٥)، وجمهور التابعين (١٦).

والثاني: أنه يأكل ما يسد الجوعة، ويلبس ما يواري العورة، ولا قضاء، وهو قول الحسن (١٧)، وإبراهيم (١٨)، ومكحول (١٩).

روى شعبة عن قتادة" أن عم ثابت بن رفاعة - وثابت يومئذ يتيم في حجره-، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله إن ابن أخي يتيم في حجري، فما يحل لي من ماله؟ قال: «أَنْ تَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيرِ أن تقِيَ مَالَكَ بِمَالِهِ وَلا تَتَّخِذْ مِنْ مَالِهِ وَقْراً» " (٢٠).

والثالث: أن يأكل من ثمره، ويشرب من رِسْلِ ماشيته من غير تعرض لِمَا سوى ذلك من فضة أو ذهب، وهو قول أبي العالية (٢١)، والشعبي (٢٢).


(١) صفوة التفاسير: ٢٣٧.
(٢) تفسير السمرقندي: ١/ ٢٨٢.
(٣) الوجيز: ٢٥٢.
(٤) تفسير ابن كثير: ٢/ ٢١٦.
(٥) تفسير الطبري: ٧/ ٥٨١.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٨١٥): ص ٣/ ٨٦٧.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٨١٦): ص ٣/ ٨٦٧.
(٨) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٨١٦): ص ٣/ ٨٦٧.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٨١٧): ص ٣/ ٨٦٧.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٨١٩): ص ٣/ ٨٦٨.
(١١) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٨١٨): ص ٣/ ٨٦٧.
(١٢) صفوة التفاسير: ٢٣٧.
(١٣) الوجيز: ٢٥٢.
(١٤) انظر: تفسير الطبري (٨٥٩٧): ص ٧/ ٥٨٢.
(١٥) انظر: تفسير الطبري (٨٥٩٨): ص ٧/ ٥٨٢.
(١٦) انظر: الأخبار الواردة في ذلك في تفسير الطبري (٨٥٩٩) - (٨٦٢٠): ص ٧/ ٥٨٢ - ٥٨٦.
(١٧) انظر: تفسير الطبري (٨٦٢٦) - (٨٦٣٠): ص ٧/ ٥٨٧ - ٥٨٨.
(١٨) انظر: تفسير الطبري (٨٦٢٦) - (٨٦٢٨): ص ٧/ ٥٨٧، و (٨٦٣٠): ص ٧/ ٥٨٧ - ٥٨٨.
(١٩) انظر: تفسير الطبري (٨٦٢٩): ص ٧/ ٥٨٧.
(٢٠) أخرجه الطبري (٨٦٣٨): ص ٧/ ٥٩٠ - ٥٩١. يقال: وفر ماله وفرًا: حاطه حتى يكثر ويصير وافرًا، يعني: أن يتأثل مالا لنفسه ويجمعه من مال يتيمه.
(٢١) انظر: تفسير الطبري (٨٦٣٣) - (٨٦٣٥): ص ٧/ ٥٨٩ - ٥٩٠.
(٢٢) انظر: تفسير الطبري (٨٦٣٧): ص ٧/ ٥٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>