للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزاد ابن المنذر: " فقالت: يا رسول الله توفي زوجي، وتركني وابنته، ولم نورث من ماله، فقال عم ولدها: يا رسول الله لا تركب فرسا، ولا تنكي عدوا ويكسب عليها ولا تكسب ".قال ابن جريج: وقال آخرون: هي أم حجة، توفي زوجها، وتركها وبنات لها ذمائم، فقالت يا رسول الله: توفي زوجي وتركني وبناتي، فلم نورث" (١).

وفي المعنى نفسه قال مقاتل: " قوله- سبحانه-: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون}، نزلت في أوس بن مالك الأنصاري وذلك أن أوس بن مالك الأنصاري توفي وترك امرأته أم كحة الأنصارية (٢)، وترك ابنتين إحداهن صفية، وترك ابني عمه عرفطة وسويد ابني الحارث «فلم يعطياها ولا ولداها شيئا من الميراث. وكان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الولدان الصغار شيئا ويجعلون الميراث لذوي الأسنان منهم، فانطلقت أم كحة وبناتها إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن أباهن توفي، وإن سويد بن الحارث، وعرفطة منعاهن حقهن من الميراث. فأنزل الله- عز وجل- في أم كحة وبناتها: {للرجال نصيب} " (٣). وأخرجه أبو الشيخ ابن حبان من طريق الكلبي، (٤)، وذكره الواحدي (٥)، والثعلبي (٦).

قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ} [النساء: ٧]، " للذكور -صغارًا أو كبارًا- نصيب شرعه الله فيما تركه الوالدان والأقربون من المال وللنساء كذلك" (٧).

قال الطبري: أي: " للذكور من أولاد الرجل الميِّت حصة من ميراثه، وللإناث منهم حصة منه، من قليل ما خلَّف بعده وكثيره، حصة مفروضة، واجبةٌ معلومة مؤقتة" (٨).

قال سعيد بن جبير: " يعني: حظا مما ترك الوالدان والأقربون" (٩).

قال الزجاج: " كانت العرب لا تورث إلا من طاعن بالرماح وزاد عن المال وحاز الغنيمة، فأعلم الله - عز وجل - أن حق الميراث على ما ذكر من الفرض، وجاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعها بنات لها توفي أبوهن وهو زوجها، وقد هم عما البنات بأخذ المال فنزلت: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} الآية. فقال العمان: يا رسول الله أيرث من لا يطاعن بالرماح ولا يزود عن المال ولا يحوز الغنيمة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: أعطيا البنات الثلثين، وأعطيا الزوجة - وهي أمهن - الثمن، وما بقي فلكما، فقالا: فمن يتولى القيام بأمرهما؟ فأمرهما النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوليا ذلك" (١٠).

قال ابن أبي زمنين: " هذا حين بين الله فرائض المواريث، نزلت آية المواريث قبل هذه الآية، وهي بعدها في التأليف؛ وكان أهل الجاهلية لا يعطون النساء من الميراث، ولا الصغير شيئا، وإنما كانوا يعطون من يحترف وينفع ويدفع، فجعل الله لهم من ذلك" (١١).

قال الزمخشري: " {الأقربون}، هم المتوارثون من ذوى القرابات دون غيرهم" (١٢).

قوله تعالى: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ} [النساء: ٧]، " أي: سواء كانت التركة قليلة أو كثيرة" (١٣).

قال سعيد بن جبير: " يعني: من الميراث" (١٤).

قوله تعالى: {نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: ٧]، "أي: نصيبا مقطوعا واجبا" (١٥).

قال الضحاك: " {نصيبا مفروضا} ذلك وقفا معلوما " (١٦). وروي عنه أيضا: " مفروضا قال: وفيا" (١٧).


(١) تفسير ابن المنذر (١٤٠٤): ص ٢/ ٥٧٧.
(٢) الاسم بضم الكاف وتشديد الجيم. انظر ترجمتها في: الإصابة: ٤/ ٤٨٨ ..
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٢٥٨ - ٢٥٩.
(٤) انظر: لباب النقول: ٥٣، والفتح السماوي للمناوي: ٢/ ٤٦٢.
(٥) انظر: أسباب النزول: ١٤٣ - ١٤٤.
(٦) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ٢٦٠.
(٧) التفسير الميسر: ٧٨.
(٨) تفسير الطبري: ٧/ ٥٩٨.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٨٤٢): ص ٣/ ٨٧٢.
(١٠) معاني القرآن: ٢/ ١٥، وانظر: الخبر في سبب نزول الآية ..
(١١) تفسير ابن أبي زمنين: ١/ ٣٤٩.
(١٢) الكشاف: ١/ ٤٧٦.
(١٣) صفوة التفاسير: ٢٣٨.
(١٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٨٤٦): ص ٣/ ٨٧٢.
(١٥) الكشاف: ١/ ٤٧٦.
(١٦) أخرجه ابن المنذر (١٤٠٦): ص ٢/ ٥٧٨.
(١٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٨٤٨): ص ٣/ ٨٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>