للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - إجمال النصيب المفروض، فبيّن الله سبحانه وتعالى في آية المواريث خصوص القرابة ومقدار النصيب، وكان نزول هذه الآية توطئة للحكم وإبطالا لذلك الرأي الفاسد، حتى وقع البيان الشافي بعد ذلك على سيرة الله وسنته في إبطال آرائهم وسنتهم.

القرآن

{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٨)} [النساء: ٨]

التفسير:

وإذا حضر قسمةَ الميراث أقاربُ الميت ممن لا حقَّ لهم في التركة، أو حضرها من مات آباؤهم وهم صغار دون سن البلوغ، أو مَن لا يملكون ما يكفيهم ويسد حاجتهم فأعطوهم شيئًا من المال على وجه الاستحباب قبل تقسيم التركة على أصحابها، وقولوا لهم قولا حسنًا غير فاحش ولا قبيح.

في سبب نزول الآية:

أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير، قال: "كان الرجل ينفق على جاره وقرابته، فإذا مات حضروا، قال وليه: ما نملك منه شيئا، فأمرهم الله أن يقولوا قولا معروفا" (١).

قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ} [النساء: ٨]، " وإذا حضر قسمة التركة أقاربُ الميت ممن لا حقَّ لهم في التركة، أو حضرها من مات آباؤهم وهم صغار دون سن البلوغ، أو مَن لا يملكون ما يكفيهم ويسد حاجتهم" (٢).

قال مقاتل: " يعني: قسمة المواريث فيها تقديم، وإذا حضر {أولوا القربى}، يعني: قرابة الميت، واليتامى والمساكين قسمة المواريث" (٣).

قال السمعاني: يعني: قسمة التركة في مواريث إذا حضرها من لا يرث الميت من أقاربه، أو اليتامى، والمساكين" (٤).

قال ابن زيد: " القسمة الوصية، جعل الله للميت جزء من ماله يوصي به لمن يشاء إلى من لا يرثه" (٥).

قال البغوي: " {أولو القربى}: الذين لا يرثون" (٦).

قوله تعالى: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: ٨]، أي: " فأعطوهم شيئاً من هذه التركة تطييباً لخاطرهم" (٧).

قال مقاتل: " يعني فأعطوهم من الميراث وإن قل وليس بموقت (٨)، هذه قبل قسمة المواريث" (٩).

قال البغوي: " أي: فارضخوا لهم من المال قبل القسمة" (١٠).

قال أبو السعود: " أي أعطوهم شيئا من المال المقسوم المدلول عليه بالقسمة وقيل الضمير لما وهو أمر ندب كلف به البالغون من الورثة تطييبا لقوب الطوائف المذكورة وتصدقا عليهم وقيل أمر وجوب" (١١).

قال السعدي: " أي: أعطوهم ما تيسر من هذا المال الذي جاءكم بغير كد ولا تعب، ولا عناء ولا نَصَب، فإن نفوسهم متشوفة إليه، وقلوبهم متطلعة، فاجبروا خواطرهم بما لا يضركم وهو نافعهم" (١٢).

قال الإمام الشافعي: " فأمر اللَّه - عز وجل - أن يرزق من القسمة أولو القربى، واليتامى، والمساكين (الحاضرون القِسمة) ولم يكن في الأمر في الآية أن يرزق من القسمة من مثلهم في القرابة، واليتم، والمسكنة، ممن لم يحضر.


(١) تفسير ابن أبي حاتم (٤٨٦٦): ص ٣/ ٨٧٦.
(٢) التفسير الميسر: ٧٨، وصفوة التفاسير: ٢٣٨.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٥٩.
(٤) تفسير السمعاني: ١/ ٣٩٩.
(٥) تفسير القرآن من الجامه لابن وهب: ١/ ٥٨.
(٦) تفسير البغوي: ٢/ ١٧٠.
(٧) صفوة التفاسير: ٢٣٨.
(٨) أى ليس هناك توفيت للإعطاء قبل القسمة أو بعدها فيجوز إعطاء الأقارب قبل تقسيم التركة أو بعده.
(٩) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٥٩.
(١٠) تفسير البغوي: ٢/ ١٧٠.
(١١) تفسير أبي السعود: ٢/ ١٤٧.
(١٢) تفسير السعدي: ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>