للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا أشباه وهي: أن تُضيف من جاءك، ولا تُضيف من لم يقصد قصدك، ولو كان محتاجاً، إلا أن تتطوع، وقال لي بعض أصحابنا: قسمة الميراث. وقال بعضهم: قسمة الميراث وغيره من الغنائم، فهذا أوسع وأحبُّ إليَّ، أن يعطوا ما طاب به نفس المعطي، ولا يوقّت، ولا يحرمون" (١).

قال الأخفش: " ثم قال {فارزقوهم منه}، لأن معناه المال والميراث فذكر على ذلك المعنى" (٢).

قال الشنقيطي: " ووصف بعض خلقه بأنه يفعل الرزق أيضا، قال: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} [النساء: آية ٨]، وقال: {وعلى المولود له رزقهن} [البقرة: آية ٢٣٣]، ورزق الله لخلقه ليس كرزق الناس بعضهم لبعض، فبين الفعل والفعل من المنافاة كمثل ما بين الذات والذات" (٣).

قوله تعالى: {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء: ٨]، أي: " وقولوا لهم قولا حسنًا غير فاحش ولا قبيح" (٤).

قال السمعاني: " أي: قولوا لهم: بورك فيكم" (٥).

قال أبو السعود: " وهو أن يدعوا لهم ويستقلوا ما أعطوهم ويعتذروا من ذلك ولا يمنوا عليهم" (٦).

قال السعدي: أي: " يردوهم ردًّا جميلا بقول حسن غير فاحش ولا قبيح، وكان الصحابة رضي الله عنهم -إذا بدأت باكورة أشجارهم- أتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرَّك عليها، ونظر إلى أصغر وليد عنده فأعطاه ذلك، علما منه بشدة تشوفه لذلك، وهذا كله مع إمكان الإعطاء، فإن لم يمكن ذلك -لكونه حق سفهاء، أو ثَم أهم من ذلك- فليقولوا لهم {قَولا مَعْرُوفًا} " (٧).

قال مجاهد: " قال أن يرضخوا لأقاربهم إن كان الورثة كبارا، وإن كانوا صغارا قال الوصي: هم صفار ولست أملك منه شيئا" (٨).

قال مقاتل: " يقول- سبحانه- إن كانت الورثة صغارا فليقل أولياء الورثة لأهل هذه القسمة: إن بلغوا أمرناهم أن يدفعوا حقكم ويتبعوا وصية ربهم- عز وجل- وإن ماتوا وورثناهم وأعطيناكم حقكم فهذا القول المعروف يعني العدة الحسنة" (٩).

وفي قوله تعالى: {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء: ٨] أربعة تأويلات:

أحدها: أن يقول لهم الولي حين يعطيهم: يرزقكم الله: يعينكم الله ويرضخ لهم من الثمار، رواه سالم الأفطس، عن ابن جبير (١٠).

والثاني: أن يقول الولي: إنه مال يتامى، وما لي فيه شيء، رواه أبو بشر عن ابن جبير (١١).

وفي رواية أخرى عن ابن جبير، قال: إن كان الميت أوصى لهم بشيء أنفذت لهم وصيتهم، وإن كان الورثة كبارا رضخوا لهم، وإن كانوا صغارا، قال وليهم: إني لست أملك هذا المال، إنما هو للصغار، فذلك القول المعروف (١٢)، وروي عن إبراهيم (١٣)، ومقاتل بن حيان (١٤) نحو ذلك.

والثالث: أنه العدة الحسنة، وهو أن يقول لهم أولياء الورثة: إن هؤلاء الورثة صغار، فاذا بلغوا أمرناهم أن يعرفوا حقكم. رواه عطاء بن دينار، عن ابن جبير (١٥).

والرابع: أنهم يعطون من المال، ويقال لهم عند قسمة الأرضين والرقيق: بورك فيكم، وهذا القول المعروف (١٦).


(١) تفسير الإمام الشافعي: ٣/ ٥٣٢ - ٥٣٣.
(٢) معاني القرآن: ١/ ٢٤٧.
(٣) العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير: ٢/ ٥٧٤.
(٤) التفسير الميسر: ٧٨.
(٥) تفسير السمعاني: ١/ ٣٩٩.
(٦) تفسير أبي السعود: ٢/ ١٤٧.
(٧) تفسير السعدي: ١٦٥. [بتصرف بسيط] ..
(٨) تفسير سفيان الثوري: ٨٩.
(٩) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٥٩.
(١٠) انظر: تفسير ابن ابي حاتم (٤٨٦٦): ص ٣/ ٨٧٦.
(١١) زاد المسير: ١/ ٣٧٥.
(١٢) انظر: تفسير ابن ابي حاتم (٤٨٦٧): ص ٣/ ٨٧٦.
(١٣) انظر: تفسير ابن ابي حاتم (٤٨٦٨): ص ٣/ ٨٧٦.
(١٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٨٦٧): ص ٣/ ٨٧٦.
(١٥) زاد المسير: ١/ ٣٧٥.
(١٦) زاد المسير: ١/ ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>