للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن إسحاق: " {والله عليم} أي: عليم بما يخفون" (١).

قال سعيد بن جبير: " {عليم} يعني: عالما بها" (٢).

الفوائد:

١ - بيان ميراث الزوج من زوجته، والزوجة والزوجات من زوجهن.

٢ - بيان ميراث الكلالة وهو من لا يترك والداً ولا ولداً فيرثه إخوته فقط يحوطون به إحاطة الإكليل بالرأس فلذا سُميت الكلالة.

٣ - إهمال الوصية أو الدين إن علم إن الغرض منها الإضرار بالورثة فقط.

٤ - عظم شأن المواريث فيجب معرفة ذلك وتنفيذه كما وصى الله تعالى.

٥ - إثبات اسمين من اسمائه تعالى، وهما: «العليم»، و «الحليم»:

فمن أسمائه «العليم»، والْعِلْمُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ، ، فهو سبحانه «العليم» المحيط علمه بكل شيء، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء (٣).

قال أبو سليمان: " العليم: هو العالم بالسرائر والخفيات التي لا يدركها علم الخلق، وجاء على بناء: فعيل، للمبالغة في وصفه بكمال العلم" (٤).

و«الحليم» هو ذو الصفح، والأناة، الذي لا يستفزه غضب ولا يستخفه جهل جاهل، ولا عصيان عاص، ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحلم؛ إنما الحليم هو الصفوح مع القدرة. والمتأني الذي لا يعجل بالعقوبة. وقد أنعم بعض الشعراء بيان هذا المعنى في قوله (٥):

لن يبلغَ المجدَ أقوامٌ وإنْ كَرُمُوا ... حتى يُذَلّوا وإن عَزّوا لأقوام

ويُشتَموا فتَرى الألوانَ مُشرِقةٌ، ... لا عَفْوَ ذُلَّ، ولكن عَفْوَ أحلام

ويقال: لم يصف الله -سبحانه- أحدا من خلقه بصفة أعز من الحلم، وذلك حين وصف إسماعيل به. ويقال: إن أحدا لا يستحق اسم الصلاح حتى يكون موصوفا بالحلم، وذلك أن إبراهيم -صلوات الله عليه- دعا ربه فقال: {رب هب لي من الصالحين} [الصافات: ١٠٠]، فأجيب بقوله: {فبشرناه بغلام حليم} [الصافات: ١٠١] فدل على أن الحلم أعلى مآئر الصلاح -والله أعلم- (٦).

القرآن

{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣)} [النساء: ١٣]

التفسير:

تلك الأحكام الإلهية التي شرعها الله في اليتامى والنساء والمواريث، شرائعه الدالة على أنها مِن عند الله العليم الحكيم. ومَن يطع الله ورسوله فيما شرع لعباده من هذه الأحكام وغيرها، يدخله جنات كثيرة الأشجار والقصور، تجري من تحتها الأنهار بمياهها العذبة، وهم باقون في هذا النعيم، لا يخرجون منه، وذلك الثواب هو الفلاح العظيم.

قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [النساء: ١٣]، " أي: تلك الأحكام المذكور شرائع الله التي حدّها لعباد" (٧).

قال مقاتل: " يعني هذه القسمة فريضة من الله" (٨).

قال الزجاج: " أي الأمكنة التي لا ينبغي أن تتجاوز" (٩).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٩٤٧): ص ٣/ ٨٩٠.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٩٤٨): ص ٣/ ٨٩٠.
(٣) انظر: شرح العقيدة الواسطية، لابن عثيمين: ١/ ١٨٨.
(٤) الاسماء والصفات للبيهقي: ١/ ١٢١.
(٥) البيت غير منسوب في شأن الدعاء للخطابي: ٦٤، وزاد المسير: ١/ ١٩٥، والبيت لعروة بن الزبير في تفسير الثعلبي: ٣/ ١٦٧، وتفسير القرطبي: ٤/ ٢٠٨، وتفسير البحر المديد: ١/ ٤٠٨،
(٦) انظر: شأن الدعاء، للخطابي: ٦٣ - ٦٤.
(٧) صفوة التفاسير: ١/ ٢٤١.
(٨) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٦١.
(٩) معاني القرآن: ٢/ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>