للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي السياق نفسه: أخرج الطبري عن عكرمة: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ}، إلى قوله: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} (١)، قال: نزلت في رفاعة بن زيد بن السائب اليهودي" (٢).

وأخرج ابن المنذر عن السدي في قوله عز وجل: " {من الذين هادوا} الآية، قال: كان رجلان من اليهود، يقال لأحدهما: مالك بن الضيف والآخر: رفاعة بن زيد، إذا لقيا النبي صلى الله عليه وسلم، قالا له، وهما يكلمانه: راعنا سمعك، واسمع غير مسمع، كقولك: اسمع غير صاغر، فظن المسلمون أن هذا شيء كان أهل الكتاب يعظمون به أنبياءهم قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم للنبي مثل ذلك، فنهوا عن ذلك، فأنزل الله جل وعز: {يأيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا} " (٣).

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: "وكان كردم بن زيد حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيب، ورافع بن أبي رافع، وبحر بن عمرو، وحيي بن أخطب، ورفاعة بن زيد يأتون رجالا من الأنصار يخالطونهم وينصحون لهم من أصحاب محمد، فيقولون: لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها، ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون ما يكون، فأنزل الله تعالى: {ويريدون أن تضلوا السبيل والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا} (٤) " (٥).

وقال مقاتل: " {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا} ... وهم اليهود، منهم: إصبع، ورافع ابنا حريملة، وهما من أحبار اليهود، {ويريدون أن تضلوا السبيل}، يعني: أن تخطئوا قصد طريق الهدى كما أخطأوا الهدى، نزلت في عبد الله بن أبي، ومالك بن دخشم حين دعوهما إلى دين اليهودية وعيروهما بالإسلام وزهدوهما فيه وفيهما نزلت" (٦).

وأخرج الطبري عن عبيد بن سليمان قال: "سمعت الضحاك يقول في قوله: {راعنا ليًّا بألسنتهم}، كان الرجل من المشركين يقول: أرعني سمعك! يلوي بذلك لسانه، يعني: يحرِّف معناه" (٧).

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} [النساء: ٤٤]، أي: " ألم تعلم -أيها الرسول- أمر اليهود الذين أُعطوا حظًّا من العلم مما جاءهم من التوراة" (٨).

قال مقاتل: " ألم تر إلى فعل الذين أعطوا {نصيبا}، يعني حظا {من الكتاب}، يعني: التوراة" (٩).

قال أبو عبيدة: " {نصيبا من الكتاب} قال: طرفا وخطا" (١٠).

قال أبو مالك: " {نصيبا}، يعني: حظا" (١١)، " {من الكتاب}، قال: من التوراة" (١٢).

قال الزمخشري: " {ألم تر}، من رؤية القلب، وعدى بـ {إلى}، على معنى: ألم ينته علمك إليهم؟ أو بمعنى: ألم تنظر إليهم؟ {أوتوا نصيبا من الكتاب}، حظا من علم التوراة، وهم أحبار اليهود" (١٣).

قال أبو هلال العسكري: " وقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ}، معناه: ألم تخبر بذلك، وهذا أيضا يرجع إلى معنى العلم، لأنه إذا أخبر به فقد علمه، ويجوز أن يكون تعجيبا منهم كما تقول لصاحبك: ألم تر إلى فلان كيف أُحسن إليه ويجفو بي ونحو ذلك" (١٤).

قوله تعالى: {يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ} [النساء: ٤٤]، أي: " ويستبدلون الضلالة بالهدى" (١٥).

قال أبو العالية: " اختاروا الضلالة" (١٦).


(١) [سورة النساء: ٤٦].
(٢) تفسير الطبري (٩٦٨٨): ص ٨/ ٤٢٧.
(٣) تفسير ابن المنذر (١٨٣٧): ص ٢/ ٧٣٣.
(٤) [سورة النساء: الآيات ٤٤ - ٤٥].
(٥) تفسير ابن أبي حاتم (٥٣٨٧): ص ٣/ ٩٦٤.
(٦) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٧٥ - ٣٧٦
(٧) تفسير الطبري (٩٧٠٤): ص ٨/ ٤٣٦.
(٨) التفسير الميسر: ٨٥.
(٩) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٧٥.
(١٠) أخرجه ابن المنذر (١٨٢٨): ص ٢/ ٧٣٠.
(١١) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٣٨٢): ص ٣/ ٩٦٤.
(١٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٣٨٣): ص ٣/ ٩٦٤.
(١٣) الكشاف: ١/ ٥١٥.
(١٤) الوجوه والنظائر: ٢٣٧.
(١٥) التفسير الميسر: ٨٥.
(١٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٣٨٤): ص ٣/ ٩٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>