للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال قتادة: " هم أعداء الله اليهود، اشتروا الضلالة، يقول: استحبوها" (١).

قال ابن عباس: " الضلالة أي: الكفر" (٢).

قال مقاتل: " يعني باعوا إيمانا بمحمد- صلى الله عليه وسلم- قبل أن يبعث، بتكذيب بمحمد- صلى الله عليه وسلم- بعد بعثته، وهم اليهود منهم إصبع، ورافع ابنا حريملة، وهما من أحبار اليهود" (٣).

قال الزمخشري: أي: " يستبدلونها بالهدى، وهو البقاء على اليهودية، بعد وضوح الآيات لهم على صحة نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه هو النبي العربي المبشر به في التوراة والإنجيل" (٤).

قال الراغب: " واشتراء الضلالة بالهدى: استبدالها به بغد حصوله، والرغبة في الضلالة بعد التمكن من الهدى، وقد أعاد تعالى هذا المعنى في مواضع تحذيرا منهم، وتخويفا من الاغترار بهم، وعلى ذلك قوله من قبل: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء: ٢٧]، ونحوه قوله: {وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: ٧٧] " (٥).

قوله تعالى: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} [النساء: ٤٤]، "أي: ويريدون لكم يا معشر المؤمنين أن تضلوا طريق الحق لتكونوا مثلهم" (٦).

قال مقاتل: " يعني: أن تخطئوا قصد طريق الهدى كما أخطأوا الهدى" (٧).

قال الزمخشري: أي: " أنتم أيها المؤمنون سبيل الحق كما ضلوه، وتنخرطوا في سلكهم لا تكفيهم ضلالتهم بل يحبون أن يضل معهم غيرهم" (٨).

وقرئ: {أن يضلوا}، بالياء بفتح الضاد وكسرها (٩).

الفوائد:

١ - الآية ذم لليهود وفي ضمنه تحذير عباده عن الاغترار بهم، والوقوع في أشراكهم.

٢ - بيان مكر اليهود بالمؤمنين بالعمل على إضلالهم في عهد النبوة وإلى اليوم.

القرآن

{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (٤٥)} [النساء: ٤٥]

التفسير:

والله سبحانه وتعالى أعلم منكم -أيها المؤمنون- بعداوة هؤلاء اليهود لكم، وكفى بالله وليًّا يتولاكم، وكفى به نصيرًا ينصركم على أعدائكم.

قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ} [النساء: ٤٥]، أي: "والله سبحانه وتعالى أعلم بعداوة هؤلاء اليهود الضَّالين منكم" (١٠).

قال مقاتل: " يعني: بعداوتهم إياكم، يعني: اليهود" (١١).

قال الزجاج: " أي هو أعرف بهم فهو يعلمكم ما هم عليه" (١٢).

قال ابن كثير: " أي: هو يعلم بهم ويحذركم منهم" (١٣).

قال الثعلبي: أي: " فلا تستنصحوهم فإنهم أعداؤكم، ويجوز أن يكون أعلم بمعنى عليم [كقوله تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ} (١٤) عليه" (١٥).


(١) أخرجه ابن المنذر (١٨٢٩): ص ٢/ ٧٣٠.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٣٨٦): ص ٣/ ٩٦٤.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٧٦.
(٤) الكشاف: ١/ ٥١٥ - ٥١٦.
(٥) تفسير الراغب الأصفهاني: ٣/ ١٢٥٧ - ١٢٥٨.
(٦) صفوة التفاسير: ٢٥٦.
(٧) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٧٦.
(٨) الكشاف: ١/ ٥١٦.
(٩) انظر: الكشاف: ١/ ٥١٦، وتفسير الثعلبي: ٣/ ٣٢٣.
(١٠) انظر: صفوة التفاسير: ٢٥٦، والتفسير الميسر: ٨٦.
(١١) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٧٦.
(١٢) معاني القرىن: ٢/ ٥٧.
(١٣) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٢٣.
(١٤) [سورة الروم: ٢٧].
(١٥) تفسير الثعلبي: ٣/ ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>