للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الزمخشري: " وقد أخبركم بعداوة هؤلاء، وأطلعكم على أحوالهم وما يريدون بكم فاحذروهم ولا تستنصحوهم في أموركم ولا تستشيروهم" (١).

قوله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا} [النساء: ٤٥]، أي: " وكفى بالله وليًّا يتولاكم، وكفى به نصيرًا ينصركم على أعدائكم" (٢).

قال مقاتل: " فلا ولي أفضل من الله- عز وجل-، فلا ناصر أفضل من الله- جل ذكره-" (٣).

قال ابن كثير: " أي: كفى به وليا لمن لجأ إليه، ونصيرا لمن استنصره" (٤).

قال الطبري: " يقول: وحسبكم بالله ناصرًا لكم على أعدائكم وأعداء دينكم، وعلى من بغاكم الغوائل، وبغى دينكم العَوَج" (٥).

قال السعدي: " أي: يتولى أحوال عباده ويلطف بهم في جميع أمورهم، وييسر لهم ما به سعادتهم وفلاحهم، {وكفى بالله نصيرا} ينصرهم على أعدائهم ويبين لهم ما يحذرون منهم ويعينهم عليهم. فولايته تعالى فيها حصول الخير، ونصره فيه زوال الشر" (٦).

قال الصابوني: أي: " أي: حسبكم أن يكون الله ولياً وناصراً لكم فثقوا به واعتمدوا عليه وحده فهو تعالى يكفيكم مكرهم" (٧).

قال الزمخشري: أي: " فثقوا بولايته ونصرته دونهم. أو لا تبالوا بهم، فإن الله ينصركم عليهم ويكفيكم مكرهم" (٨).

قال الزجاج: " أي: الله ناصركم عليهم. ومعنى «الباء» التوكيد، المعنى: وكفى الله وليا وكفى الله نصيرا، إلا أن «الباء» دخلت في اسم الفاعل، لأن معنى الكلام الأمر، المعنى: اكتفوا بالله" (٩).

قال عثمان بن زائدة: "سمعت وهيب بن ورد يقول: قال الله عز وجل: ابن آدم اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت، فلا أمحقك فيمن أمحق، وإذا ظلمت فاصبر، وارض بنصرتي فإن نصري لك خير من نصرتك لنفسك" (١٠).

الفوائد:

١ - حرص اليهود على إضلال المسلمين غاية الحرص، فهم باذلون جهدهم في ذلك.

٢ - في كفاية الله للمؤمنين ونصرته ما يغنيهم أن يطلبوا ذلك من أحد غير ربهم عز وجل.

٣ - إثبات اسمين من أسماءه تعالى، وهما: «المولى» «والنصير»:

يوصف الله عز وجل بأنه ولي الذين آمنوا ومولاهم، و «الولي» و «المولى»: اسمان لله تعالى، قال ابن جرير في تفسير قوله تعالى: {الله ولي الذين آمنوا} [البقرة: ٢٥٧]: "نصيرهم وظهيرهم؛ يتولاهم بعونه وتوفيقه" (١١).

جاء في الحديث: "اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها" (١٢).

ويوصف الله عز وجل بأنه «الناصر» و «النصير»، واللَّه - عز وجل - هو النصير الذي ينصر عباده المؤمنين ويعينهم.

و«النصير»: فعيل بمعنى فاعل أو مفعول؛ لأن كل واحد من المتناصرين ناصرٌ ومنصورٌ وقد نصره ينصره نصراً، إذا أعانه على عدوه وشدّ منه (١٣)، واللَّه - عز وجل - النصير، ونصره ليس كنصر المخلوق: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: ١١] (١٤).


(١) الكشاف: ١/ ٥١٦.
(٢) التفسير الميسر: ٨٦.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٧٦.
(٤) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٢٣.
(٥) تفسير الطبري: ٨/ ٤٣٠.
(٦) تفسير السعدي: ١٨٠.
(٧) صفوة التفاسير: ٢٥٦.
(٨) الكشاف: ١/ ٥١٦.
(٩) معاني القرىن: ٢/ ٥٧.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٣٨٩): ص ٣/ ٩٦٥.
(١١) تفسير الطبري: ٥/ ٤٢٤.
(١٢) رواه مسلم (٢٧٢٢).
(١٣) انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، ٥/ ٦٤ ..
(١٤) الأسماء والصفات للبيهقي، بتحقيق الشيخ عماد الدين أحمد، ١/ ١٢٧ - ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>