للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أنهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو قول مجاهد (١).

والرابع: أنهم أبو بكر وعمر –رضي الله تعالى عنهما-، وهو قول عكرمة (٢).

والخامس: أنهم المهاجرون والأنصار والتابعون لهم بإحسان، بدليل قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: ١٠٠]. وهذا قول عطاء (٣).

والصواب-والله أعلم- ان المعنيين هم " الأمراء والولاة، [وذلك] لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان [لله] طاعةً، وللمسلمين مصلحة" (٤).

روي عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "على المرء المسلم، الطاعةُ فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية؛ فمن أمر بمعصية فلا طاعة" (٥).

وروي، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سيليكم بعدي ولاة، فيليكم البَرُّ ببِرِّه، والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق، وصلُّوا وراءهم. فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساؤوا فلكم وعليهم" (٦).

قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩]، "أي: فإِن اختلفتم في أمرٍ من الأمور فاحتكموا فيه إِلى كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ" (٧).

قال قتادة: " يقول: ردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله " (٨).

وعن السدي: " {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، إن كان الرسول حيًا، و {إلى الله}، قال: إلى كتابه" (٩).

قال الزمخشري: أي: " فإن اختلفتم أنتم وأولو الأمر منكم في شيء من أمور الدين، فارجعوا فيه إلى الكتاب والسنة. وكيف تلزم طاعة أمراء الجور وقد جنح الله الأمر بطاعة أولى الأمر بما لا يبقى معه شك، وهو أن أمرهم أولا بأداء الأمانات وبالعدل في الحكم وأمرهم آخرا بالرجوع إلى الكتاب والسنة فيما أشكل، وأمراء الجور لا يؤدون أمانة ولا يحكمون بعدل، ولا يردون شيئا إلى كتاب ولا إلى سنة، إنما يتبعون شهواتهم حيث ذهبت بهم، فهم منسلخون عن صفات الذين هم أولو الأمر عند الله ورسوله، وأحق أسمائهم:

اللصوص المتغلبة" (١٠).

عن ليث: قال مجاهد: " فإن تنازع العلماء ردّوه إلى الله والرسول. قال يقول: فردّوه إلى كتاب الله وسنة رسوله" (١١). وفي رواية أخرى: " كتاب، الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم" (١٢).

قال مهران: " الرد إلى الله، الردّ إلى كتابه والرد إلى رسوله إن كان حيًا، فإن قبضه الله إليه فالردّ إلى السنة" (١٣).

والتنازع: "هو التشاجر، سمى تنازعا؛ لأن كل واحد من الخصمين ينزع بحجة وآية" (١٤).


(١) انظر: تفسير الطبري (٩٨٧٤): ص ٨/ ٥٠١.
(٢) انظر: تفسير الطبري (٩٨٧٥): ص ٨/ ٥٠٢.
(٣) انظر: تفسير البغوي: ١/ ٦٥٣.
(٤) تفسير الطبري: ٨/ ٥٠٢.
(٥) أخرجه الطبري (٩٨٧٧): ص ٨/ ٥٠٣. والحديث رواه أحمد في المسند: (٤٦٦٨)، وفي (٦٢٧٨).
(٦) أخرجه الطبري (٩٨٧٦): ص ٨/ ٥٠٢. وهذا الحديث ضعيف جدا. فيه عبد الله بن محمد بن عروة: هو عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير المدني. قال أبو حاتم: " هو متروك الحديث، ضعيف الحديث جدًا ". وقال ابن حبان: " يروى الموضوعات عن الثقات ". مترجم في لسان الميزان ٣/ ٣٣١ - ٣٣٢، وابن أبي حاتم: ٢/ ١٥٨.
(٧) صفوة التفاسير: ٢٦١.
(٨) أخرجه الطبري (٩٨٨٤): ص ٨/ ٥٠٥.
(٩) أخرجه الطبري (٩٨٨٥): ص ٨/ ٥٠٥.
(١٠) الكشاف: ١/ ٥٢٤.
(١١) أخرجه الطبري (٩٨٧٩): ص ٨/ ٥٠٤. قال الليث: "ثم قرأ مجاهد هذه الآية: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [سورة النساء: ٨٣] ".
(١٢) أخرجه الطبري (٩٨٨٠): ص ٨/ ٥٠٥.
(١٣) أخرجه الطبري (٩٨٨٣): ص ٨/ ٥٠٥.
(١٤) تفسير السمعاني: ١/ ٤٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>