للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: ٥٩]، أي: " استجيبوا لأوامر الله تعالى ولا تعصوه، واستجيبوا للرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الحق" (١).

قال الطبري: أي: " أطيعوا الله ربكم فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، وأطيعوا رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فإن في طاعتكم إياه لربكم طاعة، وذلك أنكم تطيعونه لأمر الله إياكم بطاعته" (٢).

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن عصى أميري فقد عصاني" (٣).

وفي تفسير قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: ٥٩]، وجهان:

أحدهما: أن: ذلك أمرٌ من الله باتباع سنته. وهذا قول عطاء (٤).

والثاني: أن ذلك أمرٌ من الله بطاعة الرّسول في حياته. وهذا قول ابن زيد (٥).

والراجح-والله أعلم- أنه "أمرٌ من الله بطاعة رسوله في حياته فيما أمرَ ونهى، وبعد وفاته باتباع سنته. وذلك أن الله عمّ بالأمر بطاعته، ولم يخصص بذلك في حال دون حال، فهو على العموم حتى يخصّ ذلك ما يجبُ التسليم له" (٦).

قوله تعاىى: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩]، أي: " وأطيعوا ولاة أمركم في غير معصية الله" (٧).

قال البيضاوي: " يريد بهم أمراء المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده، ويندرج فيهم الخلفاء والقضاة وأمراء السرية. أمر الناس بطاعتهم بعد ما أمرهم بالعدل تنبيها على أن وجوب طاعتهم ما داموا على الحق" (٨).

وفي تفسير قوله تعالى: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩]، خمسة أقاويل:

أحدها: أنهم الأمراء، وهو قول ابن عباس، وأبي هريرة (٩)، وابن عباس (١٠)، والسدي (١١)، وابن زيد (١٢)، وميمون بن مهران (١٣).

واختلف قائلو هذا القول في سبب نزولها في الأمراء على قولين:

الأول: قال ابن عباس: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي إذ بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية (١٤).

والثاني: وقال السدي: نزلت في عمار بن ياسر، وخالد بن الوليد حين بعثهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية (١٥).

قال الماوردي: " وطاعة وَلاةِ الأمر تلزم في طاعة الله دون معصيته، وهي طاعة يجوز أن تزول، لجواز معصيتهم، ولا يجوز أن تزول طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، لامتناع معصيته" (١٦).

والقول الثاني: أنهم أهل العلم والفقه، وهو قول جابر بن عبد الله (١٧)، والحسن (١٨)، وعطاء (١٩)، وأبي العالية (٢٠)، ومجاهد في إحدى الروايت (٢١)، وابن أبي نجيح (٢٢)، وابن عباس في إحدى الروايات (٢٣).


(١) التفسير الميسر: ٨٧.
(٢) تفسير الطبري: ٨/ ٤٩٥.
(٣) أخرجه الطبري (٩٨٥١): ص ٨/ ٤٩٥.
(٤) انظر: تفسير الطبري (٩٨٥٢) - (٩٨٥٤): ص ٨/ ٤٩٥ - ٤٩٦.
(٥) انظر: تفسير الطبري (٩٨٥٥): ص ٨/ ٤٩٦.
(٦) تفسير الطبري: ٨/ ٤٩٦.
(٧) التفسير الميسر: ٨٧.
(٨) تفسير البيضاوي: ٢/ ٨٠.
(٩) انظر: تفسير الطبري (٩٨٥٦): ص ٨/ ٤٩٧.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (٩٨٥٧)، و (٩٨٥٨): ص ٨/ ٤٩٧.
(١١) انظر: تفسير الطبري (٩٨٦١): ص ٨/ ٤٩٨ - ٤٩٩.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (٩٨٦٠): ص ٨/ ٤٩٨.
(١٣) انظر: تفسير الطبري (٩٨٥٩): ص ٨/ ٤٩٨.
(١٤) انظر: تفسير الطبري (٩٨٥٧)، و (٩٨٥٨): ص ٨/ ٤٩٧.وباقي الروايات في بيّناها في سبب النزول.
(١٥) انظر: تفسير الطبري (٩٨٦١): ص ٨/ ٤٩٨ - ٤٩٩.
(١٦) النكت والعيون: ١/ ٥٠٠.
(١٧) انظر: تفسير الطبري (٩٨٦٢): ص ٨/ ٤٩٩.
(١٨) انظر: تفسير الطبري (٩٨٧١): ص ٨/ ٥٠١.
(١٩) انظر: تفسير الطبري (٩٨٦٩)، و (٩٨٧٠): ص ٨/ ٥٠٠.
(٢٠) انظر: تفسير الطبري (٩٨٧٣): ص ٨/ ٥٠١.
(٢١) انظر: تفسير الطبري (٩٨٦٣)، و (٩٨٦٤)، و (٩٨٦٨)، و (٩٨٧٢): ص ٨/ ٥٠٠ - ٥٠١.
(٢٢) انظر: تفسير الطبري (٩٨٦٥): ص ٨/ ٥٠٠.
(٢٣) انظر: تفسير الطبري ٩٨٦٧): ص ٨/ ٥٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>