للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} [النساء: ٦٣]، أي: "، وقل لهم قولا مؤثرًا فيهم زاجرًا لهم" (١).

قال الطبري: أي: " مرهم باتقاء الله والتصديق به وبرسوله ووعده ووعيده" (٢).

قال ابن كثير: " أي: وانصحهم فيما بينك وبينهم بكلام بليغ رادع لهم" (٣).

قال الزجاج: " أي: أعلمهم أنهم إن ظهر منهم رد لحكمك وكفر، فالقتل حقهم، يقال قول بليغ إذا كان يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه، ويقال أحمق بلغ وبلغ. وفيه قولان: إنه أحمق يبلغ حيث يريد، ويكون " أحمق بلغ وبلغ " قد بلغ في الحماقة. والقول الأول قول من يوثق بعلمه، والثاني وجه جيد" (٤).

قال مقاتل: "نسختها آية السيف" (٥).

قال الزمخشري: " أى قل لهم في معنى أنفسهم الخبيثة وقلوبهم المطوية على النفاق قولا بليغا، وأن الله يعلم ما في قلوبكم لا يخفى عليه فلا يغنى عنكم إبطانه. فأصلحوا أنفسكم وطهروا قلوبكم وداووها من مرض النفاق، وإلا أنزل الله بكم ما أنزل بالمجاهرين بالشرك من انتقامه، وشرا من ذلك وأغلظ. أو قل لهم في أنفسهم- خاليا بهم، ليس معهم غيرهم، مسارا لهم بالنصيحة، لأنها في السر أنجع، وفي الإمحاض أدخل- قولا بليغا يبلغ منهم ويؤثر فيهم" (٦).

وفي قوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} [النساء: ٦٣]، وجوه من التفسير:

أحدها: أن يقول لهم: إن أظهرتم ما في قلوبكم قتلكم، فإنه يبلغ من نفوسهم كل مبلغ، وهذا قول الحسن (٧).

والثاني: يريد: خوفهم بالله. قاله ابن عباس (٨).

والثالث: أن يزجرهم عما هم عليه بأبلغ الزواجر (٩).

والرابع: معناه: مبلغا بلسانك كنه ما في قلبك بأحسن العبارة عني. وهذا قول التستري (١٠).

والخامس: معناه: أعلمهم إن ظهر منهم رد لحكمك وكفر، فالقتل حقهم. وهذا قول الزجاج (١١).

والسادس: أي: قل لهم في أنفسهم من الغيب بما أطلعك الله عليه من غشهم قولًا بليغًا، شديدًا باللسان، يعني: فازجرهم عما هم عليه بأبلغ الزجر، كي لا يستمروا الكفر، وعظهم كي لا يغتروا بطول الإمهال (١٢).

قال الواحدي: " والأظهر أن قوله: {فِي أَنْفُسِهِمْ} حقه التأخير؛ لأن المعنى: قولًا بليغًا في أنفسهم" (١٣).

الفوائد:

١ - فدلت الآية على أن المعول على النية دون اللسان، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» الحديث (١٤)، فربط الأعمال بالنيات، ومفهوم هذا أن الانتفاع بالأعمال والاعتداد بها يكون بالنية، وأن النية هي عماد الأعمال ومعلولها

القرآن

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (٦٤)} [النساء: ٦٤]


(١) التفسير الميسر: ٨٨.
(٢) تفسير الطبري: ٨/ ٥١٥.
(٣) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٤٧.
(٤) معاني القرآن: ٢/ ٧٠.
(٥) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٨٦.
(٦) الكشاف: ١/ ٥٢٧.
(٧) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" ١/ ٥٠٣، والواحدي في التفسير البسيط: ٦/ ٥٥٨
(٨) انظر: التفسير البسيط للواحدي: ٦/ ٥٥٨.
(٩) انظر: النكت والعيون" ١/ ٥٠٣، .
(١٠) تفسير التستري: ٥٤.
(١١) انظر: معاني القرآن: ٢/ ٧٠.
(١٢) انظر: التفسير البسيط: ٦/ ٥٥٨، والتفسير الكبير: ١٠/ ١٥٩، والبحر المحيط: ٣/ ٢٨١.
(١٣) التفسير البسيط: ٦/ ٥٥٩.
(١٤) صحيح البخاري برقم (١، ٥٤) وصحيح مسلم برقم (١٩٠٧) وسنن أبي داود برقم (٢٢٠١) وسن الترمذي برقم (١٦٤٧)، وسنن النسائي (١/ ٥٩) وسنن ابن ماجه برقم (٤٢٢٧) ومسند أحمد (١/ ٢٥) ومسند الحميدي (١/ ١٦) ومسند الطيالسي (٢/ ٢٧) "منحة المعبود".

<<  <  ج: ص:  >  >>