للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سئل سفيان عن قوله: " {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ}، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو نزلت كان ابن أم عبد منهم» " (١).

الفوائد:

١ - أخبر تعالى أنه لو كتب على عباده الأوامر الشاقة على النفوس من قتل النفوس والخروج من الديار لم يفعله إلا القليل منهم والنادر، فليحمدوا ربهم وليشكروه على تيسير ما أمرهم به من الأوامر التي تسهل على كل أحد، ولا يشق فعلها (٢).

٢ - أنه ينبغي أن يلحظ العبد ضد ما هو فيه من المكروهات، لتخف عليه العبادات، ويزداد حمدا وشكرا لربه (٣).

٣ - أنه ينبغي للعبد، أن ينظر إلى الحالة التي يلزمه القيام بها فيكملها، ثم يتدرج شيئا فشيئا حتى يصل إلى ما قدر له من العلم والعمل في أمر الدين والدنيا، وهذا بخلاف من طمحت نفسه إلى أمر لم يصل إليه ولم يؤمر به بعد، فإنه لا يكاد يصل إلى ذلك بسبب تفريق الهمة، وحصول الكسل وعدم النشاط (٤).

٤ - أن الله عز وجل جعل الجلاء عن الوطن بمرتبة القتل، فقال: {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم، أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم}، فضرب المثل بمفارقة الدار كما ضربه بمفارقة الحياة (٥).

القرآن

{وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧)} [النساء: ٦٧]

التفسير:

ولأعطيناهم من عندنا ثوابًا عظيمًا في الدنيا والآخرة.

قوله تعالى: {وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا} [النساء: ٦٧]، أي: " ولأعطيناهم من عندنا ثمرة الطاعة" (٦).

قال البيضاوي: " جواب لسؤال مقدر كأنه قيل وما يكون لهم بعد التثبيت فقال وإذا لو تثبتوا لآتيناهم، لأن إذا جواب وجزاء" (٧).

قال الطبري: أي: " ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرًا لهم، لإيتائنا إياهم على فعلهم ما وعِظُوا به من طاعتنا والانتهاء إلى أمرنا" (٨).

قال المراغي: " أي: ولو أنهم فعلوا هذا الخير العظيم وامتثلوا ما أمروا به وأخلصوا العمل" (٩).

قال ابن كثير: {مِنْ لَدُنَّا}، " أي: من عندنا " (١٠).

قال الراغب: "وإنما قال: {من لدنا}، لأنه تعالى لا يكاد ينسب إلى نفسه من النعم إلا ما كان أجلها قدرا وأعظمها خطرا، نحو: وروحنا" (١١).

قوله تعالى: {أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ٦٧]، أي: " ثواباً كثيرا" (١٢).

قال الطبري: أي: " جزاء وثوابًا عظيمًا" (١٣).

قال البغوي: أي: " ثوابا وافرا" (١٤).

قال ابن كثير: " يعني: الجنة" (١٥).

قال السمعاني: "هو الجنة" (١٦).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٥٦٧): ص ٣/ ٩٩٦.
(٢) انظر: تفسير السعدي: ١٨٥.
(٣) انظر: تفسير السعدي: ١٨٥.
(٤) انظر: تفسير السعدي: ١٨٥.
(٥) انظر: المنهاج في شعب الإيمان: ٢/ ١٨٠.
(٦) انظر: التفسير الميسر: ٨٩، وصفوة التفاسير: ٢٦٣.
(٧) تفسير البيضاوي: ٢/ ٨٢.
(٨) تفسير الطبري: ٨/ ٥٢٩.
(٩) تفسير المراغي: ٥/ ٨٣.
(١٠) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٥٣.
(١١) تفسير الراغب الأصفهاني: ٣/ ١٣٠٩.
(١٢) صفوة التفاسير: ٢٦٣.
(١٣) تفسير الطبري: ٨/ ٥٢٩.
(١٤) تفسير البغوي: ٢/ ٢٤٦.
(١٥) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٥٣.
(١٦) تفسير السمعاني: ١/ ٤٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>