للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، فإنك لو قَدْ مِتَّ رُفِعت فوقنا فلم نرك! فأنزل الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ}، الآية" (١). وروي عن قتادة (٢)، والربيع (٣) نحوذلك.

وقال السدي: " قال ناس من الأنصار: يا رسول الله، إذا أدخلك الله الجنة فكنت في أعلاها، ونحن نشتاق إليك، فكيف نصنع؟ فأنزل الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} " (٤).

وأخرج ابن ابي حاتم عن عكرمة قال: "أتى فتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله: إن لنا منك نظرة في الدنيا، ويوم القيامة لا نراك، لأنك في الجنة في الدرجات العلى، فأنزل عز وجل: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنت معي في الجنة إن شاء الله» " (٥).

وأخرج الطبراني عن الأسود، عن عائشة-رضي الله عنها- قالت: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، والله إنك لأحب إلي من نفسي، وإنك لأحب إلي من أهلي، وأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك، فلم يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل جبريل بهذه الآية: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ ..... }، الآية" (٦).

وقال مقاتل: " نزلت في رجل من الأنصار يسمى عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري، قال للنبي- صلى الله عليه وسلم -وهو الذي رأى الأذان في المنام مع عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما-: إذا خرجنا من عندك إلى أهالينا اشتقنا إليك فلم ينفعنا شيء حتى نرجع إليك، فذكرت درجاتك في الجنة، فكيف لنا برؤيتك إن دخلنا الجنة «٢». فأنزل الله- عز وجل- {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} " (٧).

قال ابن عطية: " وحكى مكي عن عبد الله هذا، أنه لما مات النبي عليه السلام، قال: اللهم أعمني حتى لا أرى شيئا بعده، فعمي" (٨).

وقال مقاتل: " فلما توفي النبي- صلى الله عليه وسلم- أتاه ابنه وهو في حديقة له فأخبره بموت النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال عند ذلك: اللهم اعمني فلا أرى شيئا بعد حبيبي أبدا. فعمي مكانه وكان يحب النبي- صلى الله عليه وسلم- حبا شديدا فجعله الله- عز وجل- مع النبي- صلى الله عليه وسلم- فى الجنة" (٩).

وذكر الثعلبي - بغير إسناد- (١٠)، والواحدي (١١) عن الكلبي، قال: "نزلت في ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان شديد الحب له قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه يعرف في وجهه الحزن، فقال له رسول الله: «يا ثوبان ما غير لونك؟ » فقال: يا رسول الله ما بي من ضر ولا وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك


(١) تفسير الطبري (٩٩٢٥): ص ٨/ ٥٣٤.
(٢) انظر: تفسير الطبري (٩٩٢٦): ص ٨/ ٥٣٤.
(٣) انظر: تفسير الطبري (٩٩٢٨): ص ٨/ ٥٣٥.
(٤) أخرجه الطبري (٩٩٢٧): ص ٨/ ٥٣٤ - ٥٣٥.
(٥) تفسير ابن أبي حاتم (٥٥٧٨): ص ٣/ ٩٩٨.
(٦) المعجم الأوسط: (٤٨٠): ص ١/ ٢٦٩، والمعجم الصغير: ١/ ٢٦.
قال الهيثمي في الموضع السابق من "المجمع": «رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن عمران العابدي، وهو ثقة».
ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٤/ ٢٣٩ - ٢٤٠).
والحافظ أبو عبد الله الضياء المقدسي في "صفة الجنة" كما في "تفسير ابن كثير" (١/ ٥٢٣).
ومن طريق أبي نعيم أخرجه الواحدي في "أسباب النزول": ١٦٦.
قال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث منصور وإبراهيم، تفرد به فضيل، وعنه العابدي".
وقال المقدسي: "لا أرى بإسناده بأسا".
وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير"، فقال: حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم، حدثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد، حدثنا عبد الله بن عمران ... ، فذكره بنحو سياق الطبراني.
(٧) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٨٧.
(٨) المحرر الوجيز: ٢/ ٧٦.
(٩) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٨٨.
(١٠) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ٣٤١.
(١١) أسباب النزول: ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>