للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنها ما حرمه الله فى حال الإحرام، وهو مروي عن ابن عباس أيضاً (١).

والثالث: أنها حرم الله، وهو قول السدي (٢).

والرابع: أنها حدود الله فيما أحل وحرَّم وأباح وحظَّر، وهو قول عطاء (٣)، واختيار الطبري (٤).

والخامس: هي دين الله كله، وهو قول الحسن (٥)، كقوله تعالى: {ذّلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: ٢٢]، أى: "دين الله" (٦).

والراجح-والله اعلم- هو قول عطاء، والمعنى: " لا تحلوا حرمات الله ولا تضيعوا فرائضه، لأن «الشعائر» جمع: شعيرة، من قول القائل: قد شعر فلان بهذا الأمر، إذا علم به، فـ «الشعائر»، المعالم، من ذلك" (٧).

قال الزجاج: " الشعائر: واحدتها شعيرة، ومعناه ما أشعر، أي: أعلم ليهدى إلى بيت الله" (٨).

قال الزمخشري: " وإحلال هذه الأشياء أن يتهاون بحرمة الشعائر وأن يحال بينها وبين المتنسكين بها، وأن يحدثوا في أشهر الحج ما يصدون به الناس عن الحج، وأن يتعرض للهدى بالغصب أو بالمنع من بلوغ محله" (٩).

قال الجصاص: " فقوله تعالى: {لا تحلوا شعائر الله}، قد انتظم جميع معالم دين الله وهو ما أعلمناه الله تعالى وحده من فرائض دينه وعلاماتها بأن لا يتجاوزوا حدوده ولا يقصروا دونها ولا يضيعوها فينتظم ذلك جميع المعاني التي رويت عن السلف من تأويلها فاقتضى ذلك حظر دخول الحرم إلا محرما وحظر استحلاله بالقتال فيه وحظر قتل من لجأ إليه ويدل أيضا على وجوب السعي بين الصفا والمروة لأنهما من شعائر الله على ما روي عن مجاهد (١٠)، لأن الطواف بهما كان من شريعة إبراهيم عليه السلام وقد طاف النبي صلى الله عليه وسلم بهما فثبت أنهما من شعائر الله" (١١).

قوله تعالى: {وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} [المائدة: ٢]، أي: " ولا تستحلوا الشهر الحرام بالقتال فيه" (١٢).

قال ابن عباس: " يعني: لا تستحلوا قتالا فيه" (١٣).

قال قتادة: " كان المشرك يومئذ لا يُصَدُّ عن البيت، فأمروا أن لا يقاتلوا في الشهر الحرام ولا عند البيت" (١٤).

وفي تفسير «الشَّهْر الْحَرَام» ثلاثة اقاويل:

أحدها: أنه رَجَبُ مُضَر. اختاره الطبري (١٥).


(١) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٤٤): ص ٩/ ٤٦٤.
(٢) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٣٩): ص ٩/ ٤٦٣.
(٣) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٣٨): ص ٩/ ٤٦٢.
(٤) انظر: تفسير الطبري: ٩/ ٤٦٤.
(٥) انظر: النكت والعيون: ٢/ ٦.
(٦) النكت والعيون: ٢/ ٦.
(٧) تفسير الطبري: ٩/ ٤٦٤.
(٨) معاني القرآن: ٢/ ١٤٢.
(٩) الكشاف: ١/ ٦٠٢.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٤٢)، و (١٠٩٤٣): ص ٩/ ٤٦٣ - ٤٦٤.
(١١) أحكام القرآن: ٣/ ٢٩١.
(١٢) صفوة التفاسير: ٣٠١.
(١٣) أخرجه الطبري (١٠٩٤٥): ص ٩/ ٤٦٥.
(١٤) أخرجه الطبري (١٠٩٤٦): ص ٩/ ٤٦٥.
(١٥) انظر: تفسير الطبري: ٩/ ٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>